الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
642 [ 387 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا عبد المجيد، عن ابن جريج عن عطاء، عن أبي الدرداء أنه كان يأتي أهله حين ينتصف النهار أو قبله فيقول: هل من غداء فيجده أو لا يجده، فيقول: لأصومن هذا اليوم فيصومه، وإن كان مفطرا وبلغ ذلك الحين وهو مفطر.

قال ابن جريج: أبنا عطاء: وبلغنا أنه يفعل ذلك حين يصبح مفطرا حتى الضحى أو بعده، ولعله أن يكون وجد غداء أو لم يجده .

التالي السابق


الشرح

هذه آثار أيد بها الشافعي القول بأن التطوع لا يلزم بالشروع، فروي عن ابن عباس وجابر أنهما كانا لا يريان بأسا بالإفطار في صوم التطوع، وأن ابن عباس كان يضرب لذلك أمثالا منها: رجل طاف سبعا ولم يوفه -كأن المعنى أراد أن يطوف سبعا ولم يتم السبع- له أجر ما احتسب، ومنها: صلى ركعة ولم يضف إليها أخرى له أجر ما احتسب، وهذا على قول من يعد الركعة الواحدة صلاة، وعن أبي الدرداء أنه كان يأتي أهله فيسأل هل عندهم غداء فإن وجده أكله.

وقوله: "هل من غداء فيجده" أي فيأكله أو لا يجده فيستمر على الصوم إن كان قد نواه، أو ينوي أن يصوم إن كان غير ناو إلى ذلك الوقت.

[ ص: 85 ] وقوله: "وهو مفطر" أي غير ناو كما شمل قوله: "وإن لم يجده" ما إذا كان قد نوى الصوم، وأما إذا لم ينو حتى قال: "وإن كان مفطرا ..." إلى آخره فكذلك قوله: "فيجده" يشمل الحالتين، وقد ذكرنا أن المعنى: فيأكله، فيتبين به أنه كان قد يخرج من الصوم بعد النية.

وقوله: قال ابن جريج، أبنا عطاء ... إلى آخره يعني: أبنا عن ابن عباس بما ذكرنا، وبلغنا أن عطاء كان يفعل مثل ذلك، وربما نوى الصوم وإن وجد الغداء، والله أعلم.




الخدمات العلمية