الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        قال : ( ومن اشترى جارية فولدت ولدا عنده فاستحقها رجل غرم الأب قيمة الولد يوم يخاصم ) لأنه ولد المغرور . فإن المغرور من يطأ امرأة معتمدا على ملك يمين أو نكاح فتلد منه ثم تستحق ، وولد المغرور حر بالقيمة بإجماع الصحابة رضي الله عنهم ، ولأن النظر من الجانبين واجب ، فيجعل الولد حر الأصل في حق أبيه رقيقا في حق مدعيه نظرا لهما ، ثم الولد حاصل في يده من غير صنعه ، فلا يضمنه إلا بالمنع كما في ولد المغصوبة فلهذا تعتبر قيمة الولد يوم الخصومة لأنه يوم المنع .

                                                                                                        ( ولو مات الولد لا شيء على الأب ) لانعدام المنع ، وكذا لو ترك مالا لأن الإرث ليس ببدل عنه والمال لأبيه لأنه حر الأصل في حقه فيرثه ( ولو قتله الأب يغرم قيمته ) لوجود المنع ( وكذا لو قتله غيره فأخذ ديته ) لأن سلامة بدله له كسلامته ، ومنع بدله كمنعه فيغرم قيمته كما إذا كان حيا ( ويرجع بقيمة الولد على بائعه ) لأنه ضمن له سلامته كما يرجع بثمنه بخلاف العقد لأنه لزمه لاستيفاء منافعها فلا يرجع به على البائع والله أعلم بالصواب .

                                                                                                        [ ص: 188 ]

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        [ ص: 188 ] قوله : وولد المغرور حر بالقيمة ، بإجماع الصحابة ; قلت : غريب ، وروى ابن أبي شيبة في " مصنفه في البيوع " حدثنا أبو بكر بن عياش عن مطرف عن عامر عن علي [ ص: 189 ] في رجل اشترى جارية فولدت منه أولادا ، ثم أقام رجل البينة أنها له ، قال : ترد عليه ، ويقوم عليه ولدها فيغرم الذي باعها ما غررها انتهى .

                                                                                                        حدثنا سفيان بن عيينة عن أيوب بن موسى عن ابن قسيط عن سليمان بن يسار أن أمة أتت قوما فغرتهم ، وزعمت أنها حرة ، فتزوجها رجل ، فولدت له أولادا فوجدوها أمة ، فقضى عمر بقيمة أولادها ، في كل مغرور غرة انتهى .

                                                                                                        حدثنا عبد الأعلى عن سعيد عن قتادة عن خلاس أن أمة أتت طيئا فزعمت أنها حرة ، فتزوجها رجل ، ثم إن سيدها ظهر عليها ، فقضى عثمان أنها وأولادها لسيدها ، وجعل لزوجها ما أدرك من متاعه ، وجعل فيهم السنة ، في كل رأس رأسين انتهى . حدثنا يزيد بن هارون عن أشعث عن الشعبي ، قال : سألته عن جارية أتت قوما ، فزعمت أنها حرة ، فرغب فيها رجل ، فتزوجها ، فولدت له أولادا ، ثم علموا أنها أمة ، فجاء مولاها فأخذها ، قال : يأخذ المولى أمته ، ويفدي الأب أولاده بغرة غرة انتهى .

                                                                                                        حدثنا الفضل بن دكين عن هشام بن سعد عن شيبة بن نصاح عن سعيد بن المسيب ، قال : في ولد كل مغرور غرة انتهى .

                                                                                                        وفي " الموطإ في كتاب الأقضية " مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب ، أو عثمان بن عفان ، قضى أحدهما في أمة غرت رجلا بنفسها ، فذكرت أنها حرة ، فتزوجها ، فولدت له أولادا ، فقضى أن يفدي ولده بمثلهم ، قال مالك : وتلك القيمة عندي ، انتهى .




                                                                                                        الخدمات العلمية