[ ص: 254 ] كتاب الهبة
عقد مشروع لقوله عليه الصلاة والسلام : { الهبة }وعلى ذلك انعقد الإجماع ( وتصح بالإيجاب والقبول والقبض ) أما الإيجاب والقبول ; فلأنه عقد والعقد ينعقد بالإيجاب والقبول والقبض لا بد منه لثبوت الملك . وقال تهادوا تحابوا رحمه الله : يثبت الملك فيه قبل القبض اعتبارا بالبيع وعلى هذا الخلاف الصدقة . [ ص: 255 - 256 ] ولنا قوله عليه الصلاة والسلام : { مالك لا تجوز الهبة إلا مقبوضة }والمراد نفي الملك ; لأن الجواز بدونه ثابت ; ولأنه عقد تبرع وفي إثبات الملك قبل القبض إلزام المتبرع شيئا لم يتبرع به وهو التسليم فلا يصح ، بخلاف الوصية ; لأن أوان ثبوت الملك فيها بعد الموت ولا إلزام على المتبرع لعدم أهلية اللزوم وحق الوارث متأخر عن الوصية فلم يملكها . [ ص: 257 ] قال : ( فإن جاز ) استحسانا ( وإن قبض بعد الافتراق لم يجز إلا أن يأذن له الواهب في القبض ) والقياس أن لا يجوز في الوجهين وهو قول قبضها الموهوب له في المجلس بغير أمر الواهب رحمه الله ، لأن القبض تصرف في ملك الواهب إذ ملكه قبل القبض باق فلا يصح بدون إذنه . ولنا أن القبض بمنزلة القبول في الهبة من حيث إنه يتوقف عليه ثبوت حكمه وهو الملك والمقصود منه إثبات الملك فيكون الإيجاب منه تسليطا له على القبض ، بخلاف ما إذا قبض بعد الافتراق ; لأنا إنما أثبتنا التسليط فيه إلحاقا له بالقبول والقبول يتقيد بالمجلس فكذا ما يلحق به بخلاف ما إذا نهاه عن القبض في المجلس ; لأن الدلالة لا تعمل في مقابلة الصريح الشافعي
.
[ ص: 253 - 254 ]