الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        قال : ( ومن دفع إلى حائك غزلا لينسجه بالنصف فله أجر مثله ، وكذا إذا استأجر حمارا يحمل عليه طعاما بقفيز منه فالإجارة فاسدة ) ; لأنه جعل الأجر بعض ما يخرج من عمله فيصير في معنى قفيز الطحان ، وقد نهى النبي عليه الصلاة والسلام عنه ، وهو أن يستأجر ثورا ليطحن له حنطة بقفيز من دقيقه ، وهذا أصل كبير يعرف به فساد كثير من الإجارات لا سيما في ديارنا ، والمعنى فيه : أن المستأجر عاجز عن تسليم الأجر وهو بعض المنسوج أو المحمول [ ص: 301 ] إذ حصوله بفعل الأجير فلا يعد هو قادرا بقدرة غيره ، وهذا بخلاف ما إذا استأجره ليحمل نصف طعامه بالنصف الآخر حيث لا يجب له الأجر ; لأن المستأجر ملك الأجير في الحال بالتعجيل فصار مشتركا بينهما ، ومن استأجر رجلا لحمل طعام مشترك بينهما لا يجب الأجر ; لأنه ما من جزء يحمله إلا وهو عامل لنفسه فيه فلا يتحقق تسليم المعقود عليه . قال : ( ولا يجاوز بالأجر قفيزا ) ; لأنه لما فسدت الإجارة فالواجب الأقل مما سمى ، ومن أجر المثل ; لأنه رضي بحط الزيادة وهذا بخلاف ما إذا اشتركا في الاحتطاب حيث يجب الأجر بالغا ما بلغ عند محمد ; لأن المسمى هناك غير معلوم فلم يصح الحط . .

                                                                                                        [ ص: 300 ]

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        [ ص: 300 ] قلت : الحديث السابع : قال المصنف : وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه يعني قفيز الطحان ; قلت : أخرج الدارقطني ، ثم البيهقي في " سننيهما في كتاب البيوع " عن عبيد الله بن موسى ثنا سفيان عن هشام أبي كليب عن عبد الرحمن بن أبي نعم البجلي عن أبي سعيد الخدري ، قال : { نهي عن عسب الفحل ، وعن قفيز الطحان }انتهى .

                                                                                                        وأخرجه أبو يعلى الموصلي في " مسنده " عن ابن المبارك ثنا سفيان به ، وذكره عبد الحق في " أحكامه " من جهة الدارقطني ، وقال فيه : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا مبنيا للفاعل ، كما قاله المصنف ، وتعقبه ابن القطان في " كتابه " ، وقال : إني تتبعته في " كتاب الدارقطني " من كل الروايات ، فلم أجده إلا هكذا : { نهي عن عسب الفحل ، وقفيز الطحان } ، مبنيا للمفعول ، قال : فإن قيل : لعله يعتقد ما يقوله الصحابي مرفوعا ; قلت : إنما عليه أن ينقل لنا روايته لا رأيه ، ولعل من يبلغه يرى غير ما يراه من ذلك ، فإنما يقبل فيه فعله لا قوله انتهى كلامه

                                                                                                        .



                                                                                                        الخدمات العلمية