المسألة الثانية
[ ص: 21 ] [ ] كيفية المسح على الخفين
وأما تحديد المحل : فاختلف فيه أيضا فقهاء الأمصار ، فقال قوم : إن الواجب من ذلك مسح أعلى الخف ، وإن مسح الباطن ( أعني أسفل الخف ) مستحب ، ومالك أحد من رأى هذا ، ومنهم من أوجب مسح ظهورهما وبطونهما ، وهو مذهب والشافعي ابن نافع من أصحاب مالك ، ومنهم من أوجب مسح الظهور فقط ولم يستحب مسح البطون ، وهو مذهب أبي حنيفة وداود وسفيان وجماعة ، وشذ أشهب فقال : إن الواجب مسح الباطن ، أو الأعلى أيهما مسح ، والأعلى مستحب .
وسبب اختلافهم تعارض الآثار الواردة في ذلك وتشبيه المسح بالغسل ، وذلك أن في ذلك أثرين متعارضين ، أحدهما حديث وفيه : " المغيرة بن شعبة أنه - صلى الله عليه وسلم - مسح على الخف وباطنه " والآخر حديث علي : " " ، فمن ذهب مذهب الجمع بين الحديثين حمل حديث لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه وقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح على ظاهر خفيه المغيرة على الاستحباب ، وحديث علي على الوجوب ، وهي طريقة حسنة .
ومن ذهب مذهب الترجيح أخذ إما بحديث علي ، وإما بحديث المغيرة ، فمن رجح حديث المغيرة على حديث علي رجحه من قبل القياس ( أعني قياس المسح على الغسل ) ومن رجح حديث علي رجحه من قبل مخالفته للقياس أو من جهة السند ، والأسعد في هذه المسألة هو مالك . وأما من أجاز الاقتصار على مسح الباطن فقط فلا أعلم له حجة ; لأنه لا هذا الأثر اتبع ، ولا هذا القياس استعمل ، ( أعني قياس المسح على الغسل ) .