الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
المسألة الثانية

[ 3 - نوم وأكل وجماع الجنب ]

اختلف الناس في إيجاب الوضوء على الجنب في أحوال : أحدها إذا أراد أن ينام وهو جنب ; فذهب الجمهور إلى استحبابه دون وجوبه ، وذهب أهل الظاهر إلى وجوبه لثبوت ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث عمر : " أنه ذكر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه تصيبه جنابة من الليل ، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : توضأ واغسل ذكرك ، ثم نم " وهو أيضا مروي عنه من طريق عائشة .

وذهب الجمهور إلى حمل الأمر بذلك على الندب ، والعدول به عن ظاهره لمكان عدم مناسبة وجوب الطهارة لإرادة النوم ( أعني المناسبة الشرعية ) وقد احتجوا أيضا لذلك بأحاديث ، أثبتها حديث ابن عباس : " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج من الخلاء فأتي بطعام ، فقالوا : ألا نأتيك بطهر ؟ فقال : أأصلي فأتوضأ ؟ .

وفي بعض رواياته : فقيل له : ألا تتوضأ ؟ فقال : ما أردت الصلاة فأتوضأ
" والاستدلال به ضعيف ، فإنه من باب مفهوم الخطاب من أضعف أنواعه ، وقد احتجوا بحديث عائشة " أنه - عليه الصلاة والسلام - كان ينام وهو جنب لا يمس الماء " إلا أنه حديث ضعيف .

[ ص: 40 ] وكذلك اختلفوا في وجوب الوضوء على الجنب الذي يريد أن يأكل أو يشرب ، وعلى الذي يريد أن يعاود أهله ، فقال الجمهور في هذا كله بإسقاط الوجوب لعدم مناسبة الطهارة لهذه الأشياء ، وذلك أن الطهارة إنما فرضت في الشرع لأحوال التعظيم كالصلاة ، وأيضا فلمكان تعارض الآثار في ذلك ، وذلك أنه روي عنه - عليه الصلاة والسلام - " أنه أمر الجنب إذا أراد أن يعاود أهله أن يتوضأ " وروي عنه أنه كان يجامع ثم يعاود ولا يتوضأ . وكذلك روي عنه منع الأكل والشرب للجنب حتى يتوضأ ، وروي عنه إباحة ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية