الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ 4 - إلقاء التفث وإزالة الشعر ]

وأما الممنوع الرابع : وهو إلقاء التفث وإزالة الشعر وقتل القمل ، ولكن اتفقوا على أنه يجوز له غسل رأسه من الجنابة ، واختلفوا في كراهية غسله من غير الجنابة ، فقال الجمهور : لا بأس بغسله رأسه . وقال مالك : بكراهية ذلك .

وعمدته : " أن عبد الله بن عمر كان لا يغسل رأسه وهو محرم إلا من الاحتلام " .

[ ص: 274 ] وعمدة الجمهور ما رواه مالك عن عبد الله بن جبير : " أن ابن عباس والمسور بن مخرمة اختلفا بالأبواء ، فقال عبد الله : يغسل المحرم رأسه ، وقال المسور بن مخرمة : لا يغسل المحرم رأسه ، قال : فأرسلني عبد الله بن عباس إلى أبي أيوب الأنصاري قال : فوجدته يغتسل بين القرنين وهو مستتر بثوب ، فسلمت عليه فقال : من هذا ؟ فقلت عبد الله بن جبير أرسلني إليك عبد الله بن عباس أسألك كيف كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يغسل رأسه وهو محرم ، فوضع أبو أيوب يده على الثوب فتطأطأ حتى بدا لي رأسه ثم قال لأنسان يصب عليه : أصبب ، فصب على رأسه ، ثم حرك رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر ، ثم قال : هكذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعل " . وكان عمر يغسل رأسه وهو محرم ويقول : " ما يزيده الماء إلا شعثا " رواه مالك في الموطإ .

وحمل مالك حديث أبي أيوب على غسل الجنابة ، والحجة له إجماعهم على أن المحرم ممنوع من قتل القمل ونتف الشعر وإلقاء التفث - وهو الوسخ - ، والغاسل رأسه هو إما أن يفعل هذه كلها أو بعضها .

واتفقوا على منع غسله رأسه بالخطمي . وقال مالك وأبو حنيفة : إن فعل ذلك افتدى . وقال أبو ثور وغيره : لا شيء عليه .

واختلفوا في الحمام : فكان مالك يكره ذلك ، ويرى أن على من دخله الفدية . وقال أبو حنيفة والشافعي والثوري وداود : لا بأس بذلك .

وروي عن ابن عباس دخول الحمام وهو محرم من طريقين ، والأحسن أن يكره دخوله ؛ لأن المحرم منهي عن إلقاء التفث .

التالي السابق


الخدمات العلمية