المسألة الثالثة
[ الماء المستعمل ]
اختلفوا فيه على ثلاثة أقوال : فقوم لم يجيزوا الطهارة به على كل حال ، وهو مذهب الماء المستعمل في الطهارة الشافعي وأبي حنيفة ، وقوم كرهوه ولم يجيزوا التيمم مع وجوده ، وهو مذهب مالك وأصحابه ، وقوم لم يروا بينه وبين الماء المطلق فرقا ، وبه قال أبو ثور وداود وأصحابه ، [ ص: 28 ] وشذ أبو يوسف فقال إنه نجس .
وسبب الخلاف في هذا أيضا ما يظن من أنه لا يتناوله اسم الماء المطلق حتى إن بعضهم غلا فظن أن اسم الغسالة أحق به من اسم الماء ، وقد ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان أصحابه يقتتلون على فضل وضوئه ، ولا بد أن يقع من الماء المستعمل في الإناء الذي بقي فيه الفضل .
وبالجملة فهو ماء مطلق ; لأنه في الأغلب ليس ينتهي إلى أن يتغير أحد أوصافه بدنس الأعضاء التي تغسل به ، فإن انتهى إلى ذلك ، فحكمه حكم الماء الذي تغير أحد أوصافه بشيء طاهر ، وإن كان هذا تعافه النفوس أكثر ، وهذا لحظ من كرهه ، وأما من زعم أنه نجس فلا دليل معه .