الفصل الثاني عشر
في مانع الزوجية
- وأما مانع الزوجية : فإنهم اتفقوا على أن الزوجية بين المسلمين مانعة وبين الذميين . واختلفوا في المسبية على ما تقدم .
[ ص: 432 ] واختلفوا أيضا في ؟ فالجمهور على أنه ليس بطلاق . وقال قوم : هو طلاق ، وهو مروي عن الأمة إذا بيعت هل يكون بيعها طلاقا ابن عباس وجابر ، ، وابن مسعود . وأبي بن كعب
وسبب اختلافهم : معارضة مفهوم حديث لعموم قوله تعالى : ( بريرة إلا ما ملكت أيمانكم ) وذلك أن قوله تعالى : ( إلا ما ملكت أيمانكم ) يقتضي المسبيات وغيرهن ، وتخيير يوجب أن لا يكون بيعها طلاقا ، لأنه لو كان بيعها طلاقا لما خيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد العتق ، ولكان نفس شراء بريرة عائشة لها طلاقا من زوجها .
والحجة للجمهور : ما خرجه ، عن ابن أبي شيبة : " أبي سعيد الخدري والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم . وهذه المسألة هي أليق بكتاب الطلاق . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث يوم حنين سرية ، فأصابوا حيا من العرب يوم أوطاس ، فهزموهم وقتلوهم وأصابوا نساء لهن أزواج ، وكان ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تأثموا من غشيانهن من أجل أزواجهن ، فأنزل الله عز وجل :
فهذه هي جملة الأشياء المصححة للأنكحة في الإسلام ، وهي كما قلنا راجعة إلى ثلاثة أجناس : صفة العاقد والمعقود عليها ، وصفة العقد ، وصفة الشروط في العقد .
وأما الأنكحة التي انعقدت قبل الإسلام ، ثم طرأ عليها الإسلام ، فإنهم اتفقوا على أن الإسلام إذا كان منهما معا ( أعني : من الزوج والزوجة ) ، وقد كان عقد النكاح على من يصح ابتداء العقد عليها في الإسلام أن الإسلام يصحح ذلك .
واختلفوا في موضعين :
أحدهما : إذا انعقد النكاح على أكثر من أربع ، أو على من لا يجوز الجمع بينهما في الإسلام .
والموضع الثاني : إذا أسلم أحدهما قبل الآخر .
[ المسألة الأولى ]
[ إذا انعقد النكاح على اكثر من أربع أو على من لا يجوز الجمع بينهما ]
- فأما المسألة الأولى ( وهي إذا ) : فإن أسلم الكافر وعنده أكثر من أربع نسوة أو أسلم وعنده أختان مالكا قال : يختار منهن أربعا ، ومن الأختين واحدة أيتهما شاء ، وبه قال الشافعي وأحمد وداود . وقال أبو حنيفة ، والثوري : يختار الأوائل منهن في العقد ، فإن تزوجهن في عقد واحد فرق بينه وبينهن . قال وابن أبي ليلى من أصحاب ابن الماجشون مالك : إذا أسلم وعنده أختان فارقهما جميعا ، ثم استأنف نكاح أيتهما شاء ، ولم يقل بذلك أحد من أصحاب مالك غيره .
وسبب اختلافهم : معارضة القياس للأثر :
وذلك أنه ورد في ذلك أثران :
أحدهما : مرسل مالك : " غيلان بن سلامة الثقفي أسلم وعنده عشر نسوة أسلمن معه ، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يختار منهن أربعا " . أن
[ ص: 433 ] والحديث الثاني : حديث قيس بن الحارث : " . أنه أسلم على الأختين ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اختر أيتهما شئت
وأما القياس المخالف لهذا الأثر : فتشبيه العقد على الأواخر قبل الإسلام بالعقد عليهن بعد الإسلام ( أعني : أنه كما أن العقد عليهن فاسد في الإسلام كذلك قبل الإسلام ) ، وفيه ضعف .