مسألة [ بيع الحيوان الحي بالمذبوح ]
واختلفوا من هذا الباب في بيع الحيوان بالميت على ثلاثة أقوال : قول إنه لا يجوز بإطلاق ، وهو قول ، والليث ; وقول إنه يجوز في الأجناس المختلفة التي يجوز فيها التفاضل ، ولا يجوز ذلك في المتفقة ( أعني : الربوية ) ، لمكان الجهل الذي فيها من طريق التفاضل ، وذلك في التي المقصود منها الأكل ، وهو قول الشافعي مالك ، فلا يجوز شاة مذبوحة بشاة تراد للأكل ، وذلك عنده في الحيوان المأكول ، حتى أنه لا يجيز الحي بالحي إذا كان المقصود الأكل من أحدهما ، فهي عنده من هذا الباب ، ( أعني : أن امتناع ذلك عنده من جهة الربا ، والمزابنة ) ; وقول ثالث : إنه يجوز مطلقا ، وبه قال أبو حنيفة .
[ ص: 506 ] وسبب الخلاف معارضة الأصول في هذا الباب لمرسل ، وذلك أن سعيد بن المسيب مالكا روى عن ، عن زيد بن أسلم : " سعيد بن المسيب بيع الحيوان باللحم " فمن لم تنقدح عنده معارضة هذا الحديث لأصل من أصول البيوع التي توجب التحريم قال به . ومن رأى أن الأصول معارضة له وجب عليه أحد أمرين : إما أن يغلب الحديث فيجعله أصلا زائدا بنفسه ، أو يرده لمكان معارضة الأصول له . أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن فالشافعي غلب الحديث ، وأبو حنيفة غلب الأصول ، ومالك رده إلى أصوله في البيوع ، فجعل البيع فيه من باب الربا ، ( أعني : بيع الشيء الربوي بأصله ) ، مثل بيع الزيت بالزيتون . وسيأتي الكلام على هذا الأصل ، فإنه الذي يعرفه الفقهاء بالمزابنة ، وهي داخلة في الربا بجهة ، وفي الغرر بجهة ، وذلك أنها ممنوعة في الربويات من جهة الربا ، والغرر ، وفي غير الربويات من جهة الغرر فقط ، الذي سببه الجهل بالخارج عن الأصل .