القسم الثاني من الفصل الأول من الباب الأول .
[ أوقات الضرورة والعذر ]
فأما أوقات الضرورة ، والعذر ، فأثبتها كما قلنا فقهاء الأمصار ، ونفاها أهل الظاهر ، وقد تقدم سبب اختلافهم في ذلك .
واختلف هؤلاء الذين أثبتوها في ثلاثة مواضع : أحدها : لأي الصلوات توجد هذه الأوقات ، ولأيها لا ؟ والثاني : في حدود هذه الأوقات ، والثالث : في من هم أهل العذر الذين رخص لهم في هذه الأوقات ، وفي أحكامهم في ذلك ( أعني : من وجوب الصلاة ومن سقوطها .
المسألة الأولى
[ ] الصلوات التي لها أوقات ضرورة وعذر
اتفق مالك ، على أن هذا الوقت هو لأربع صلوات : للظهر ، والعصر مشتركا بينهما ، والمغرب والعشاء كذلك ، وإنما اختلفوا في جهة اشتراكهما على ما سيأتي بعد ، وخالفهم والشافعي أبو حنيفة فقال : إن هذا الوقت إنما هو للعصر فقط ، وأنه ليس ههنا وقت مشترك .
وسبب اختلافهم في ذلك هو اختلافهم في جواز الجمع بين الصلاتين في السفر في وقت إحداهما على ما سيأتي بعد ، فمن تمسك بالنص الوارد في صلاة العصر ( أعني الثابت من قوله - عليه الصلاة والسلام - " " ) وفهم من هذا الرخصة ، ولم يجز الاشتراك في الجمع لقوله - عليه الصلاة والسلام - : " من أدرك ركعة من صلاة العصر قبل مغيب الشمس فقد أدرك العصر لا يفوت وقت صلاة حتى يدخل وقت الأخرى " ولما سنذكره بعد في باب الجمع من حجج الفريقين - قال : إنه لا يكون هذا الوقت إلا لصلاة [ ص: 86 ] العصر فقط . ومن أجاز الاشتراك في الجمع في السفر قاس عليه أهل الضرورات ; لأن المسافر أيضا صاحب ضرورة وعذر ، فجعل هذا الوقت مشتركا للظهر والعصر ، والمغرب والعشاء .