الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 8054 ) مسألة ; قال : ( ولو حنث وهو عبد فلم يكفر حتى عتق عليه فعليه الصوم لا يجزئه غيره ) ظاهر هذا أن الاعتبار في الكفارات بحالة الحنث ; لأنه وقت الوجوب ، وهو حينئذ عبد ، فوجب عليه الصوم ، فلا يجزئه غير ما وجب عليه ، وقال القاضي : هذا فيه نظر ; فإن المنصوص أنه يكفر كفارة عبد ، لأنه إنما يكفر بما وجب عليه يوم حنث ومعناه أنه لا يلزمه التكفير بالمال ، فإن كفر به أجزأه .

                                                                                                                                            وهذا منصوص ، عن الشافعي ، ومن أصحابه من قال بقول الخرقي ، وليس على الخرقي حجة من كلام أحمد ، بل هو حجة له ; لقوله : إنما يكفر ما وجب عليه . " وإنما " للحصر ، [ ص: 18 ] تثبت المذكور وتنفي ما عداه ، ولم يجب عليه إلا الصوم ، فلا يكفر بغيره . ووجه ذلك ، أنه حكم تعلق بالعبد في رقه ، فلم يتغير بحريته ، كالحد ، وهذا على القول الذي لم يجز فيه للعبد التكفير بالمال بإذن سيده ، فأما على القول الآخر ، فله التكفير هاهنا بطريق الأولى ; لأنه إذا جاز له في حال رقه التكفير بالمال ، ففي حال حريته أولى ، وإنما احتاج إلى إذن سيده في حال رقه ; لأن المال لسيده ، أو لتعلق حقه بماله ، وبعد الحرية قد زال ذلك ، فلا حاجة إلى إذنه .

                                                                                                                                            وإن قلنا : التكفير بأغلظ الأحوال . لم يكن له التكفير بغير المال إن كان موسرا . وإن حلف عبد ، وحنث وهو حر ، فحكمه حكم الأحرار ; لأن الكفارة لا تجب قبل الحنث ، فما وجبت إلا وهو حر .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية