الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فوائد : منها : إذا وجد الخائف من العطش ماء طاهرا ، أو ماء نجسا ، يكفيه كل منهما لشربه : حبس الطاهر لشربه ، وأراق النجس إن استغنى عن شربه . فإن خاف ، حبسهما على الصحيح من المذهب ، قدمه في الفروع ، والمغني ، والشرح وابن عبيدان . وقال القاضي : يتوضأ بالطاهر ، ويحبس النجس لشربه . قال المجد في شرح الهداية : وهو الصحيح . وأطلقهما ابن تميم . قال في الفروع : وذكر الأزجي : يشرب الماء النجس . وأطلقهما ابن تميم . ومنها : لو أمكنه أن يتوضأ به ، ثم يجمعه ويشربه . فقال في الفروع : إطلاق كلامهم لا يلزمه ; لأن النفس تعافه . قال : ويتوجه احتمال ، يعني باللزوم . ومنها : لو مات رب الماء : يممه رفيقه العطشان . وغرم ثمنه في مكانه وقت إتلافه لورثته على الصحيح من المذهب . وظاهر كلامه في النهاية : وإن غرمه [ ص: 267 ] مكانه فبمثله . وقيل : الميت أولى به . قال أبو بكر في المقنع ، والتنبيه ، وقيل : رفيقه أولى إن خاف الموت ، وإلا فالميت أولى . ويأتي حكم فضلة الماء من الميت آخر الباب .

فائدة : لو خاف فوت رفقة : ساغ له التيمم . قال في الفروع ، وظاهر كلامه : ولو لم يخف ضررا بفوت الرفقة ، لفوت الإلف والأنس . قال : ويتوجه احتمال .

تنبيهان

أحدهما : مفهوم قوله " أو بهيمته " أنه لا يتيمم ، ويدع الماء لخوفه على بهيمة غيره ، وهو وجه لبعض الأصحاب ، والصحيح من المذهب : أنه يتيمم لخوفه على بهيمة غيره كبهيمته . وعليه جمهور الأصحاب . وجزم به ابن تميم ، وابن عبيدان ، وقدمه في الفروع . قلت : ويحتمله كلام المصنف . فإن قوله " أو رفيقه أو بهيمته " يحتمل أن يعود الضمير في " بهيمته " إلى " رفيقه " فتقديره : أو بهيمة رفيقه . فيكون كلامه موافقا للمذهب ، وهو أولى . وأطلقهما في المذهب . والثاني : مراده بالبهيمة : البهيمة المحترمة كالشاة ، والحمارة ، والسنور ، وكلب الصيد ، ونحوه ، احترازا من الكلب الأسود البهيم ، والخنزير ونحوهما .

تنبيه : شمل قوله ( أو خشيته على نفسه ، أو ماله في طلبه ) لو خافت امرأة على نفسها فساقا في طريقها ، وهو صحيح ، نص عليه ، قال المصنف ، والشارح ، وابن تميم وغيرهم : بل يحرم عليها الخروج إليه . وتتيمم وتصلي ، ولا تعيد ، وهو المذهب ، قال المصنف : والصحيح أنها تتيمم . ولا تعيد ، وجها واحدا . قال ابن أبي موسى : تتيمم ، ولا إعادة عليها في أصح الوجهين ، وقدمه في الفروع ، والزركشي . وقيل : تعيد ، وقدمه في الرعاية الكبرى . قال الزركشي : أبعد من قاله . وأطلقهما في المستوعب وعنه . لا أدري . [ ص: 268 ] تنبيهات

أحدها : قوله ( أو خشية على نفسه ، أو ماله في طلبه ) لا بد أن يكون خوفه محققا على الصحيح من المذهب ، فلو كان خوفه جبنا ، لا عن سبب يخاف من مثله : لم تجزه الصلاة بالتيمم ، نص عليه . وعليه الجمهور . وقال المصنف في المغني : ويحتمل أن يباح له التيمم ويعيد ، إذا كان ممن يشتد خوفه . الثاني : لو كان خوفه لسبب ظنه . فتبين عدم السبب ، مثل من رأى سوادا بالليل ظنه عدوا فتبين أنه ليس بعدو بعد أن تيمم وصلى ، ففي الإعادة وجهان . وأطلقهما ابن عبيدان ، والمغني ، والشارح . أحدهما : لا يعيد ، وهو الصحيح ، قال المجد في شرحه ، والصحيح لا يعيد لكثرة البلوى بذلك في الأسفار ، بخلاف صلاة الخوف . فإنها نادرة في نصها . وهي كذلك أندر . وقدمه ابن رزين في شرحه . والثاني : يعيد . الثالث : ظاهر كلام المصنف : أنه لا يتيمم لغير الأعذار المتقدمة ، وهو صحيح ، وهو المذهب ، وقدمه في الرعاية ، وغيرها ، وهو ظاهر ما قدمه في الفروع . وظاهر كلام كثير من الأصحاب . وقال ابن الجوزي في المذهب ، ومسبوك الذهب : إن احتاج الماء للعجن والطبخ ونحوها : تيمم وتركه . وظاهر كلامه أيضا : أن الخوف على نفسه لا يجوز تأخير الصلاة إلى الأمن ، بل يتيمم ويصلي ، وهو صحيح ، وهو المذهب . وعليه الأصحاب . وعنه في غاز بقربه الماء يخاف إن ذهب على نفسه : لا يتيمم ، ويؤخر . وأطلقهما ابن تميم . قوله ( إلا بزيادة كثيرة على ثمن مثله ) يعني يباح له التيمم إذا وجد الماء يباع بزيادة كثيرة على ثمن مثله . وهذا المذهب . وعليه جماهير الأصحاب . قال المجد في شرحه : هذا أصح ، وجزم به في الوجيز ، والنظم ، والهداية ، والمستوعب ، وغيرهم ، وقدمه في الفروع ، ومجمع البحرين [ ص: 269 ] وابن عبيدان ، وابن تميم . وعنه إن كان ذا مال كثير لا تجحف به زيادة لزمه الشراء . جزم به في الإفادات . وأطلقهما في الرعايتين ، والحاويين ، والفائق ، والمغني ، والشرح ، والتلخيص . تنبيه : مفهوم قوله " إلا بزيادة كثيرة " أن الزيادة لو كانت يسيرة : يلزمه شراؤه ، وهو صحيح . وهذا المذهب . وعليه أكثر الأصحاب . قال في النهاية : وهو الصحيح ، قال في الفروع ، والرعاية الكبرى : يلزمه على الأصح ، وجزم به في الشرح ، والحاويين ، والرعاية الصغرى ، والهداية ، والمستوعب ، والتلخيص ، وغيرهم ، وهو ظاهر الوجيز ، وابن تميم . وعنه لا يلزمه . ذكرهما أبو الحسين فمن بعده . واختاره في الفائق . وهما احتمال . وأطلقهما وجهين في المغني ، وقال : أحمد توقف .

التالي السابق


الخدمات العلمية