الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  علل الرياء في الصدقة بقوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا إلى آخره ، فإن الله تعالى شبه الذي يبطل صدقته بالمن والأذى بالذي ينفق ماله رئاء الناس ، ولا شك أن الذي يرائي في صدقته أسوأ حالا من المتصدق بالمن ; لأنه قد علم أن المشبه به يكون أقوى حالا من المشبه ، ولهذا قال في حق المرائي : ولا يؤمن بالله واليوم الآخر ، ثم ضرب مثل ذلك المرائي بإنفاقه ، بقوله : فمثله كمثل صفوان إلى آخره ، ثم إن صدر الآية خطاب للمؤمنين ، خاطبهم بقوله : لا تبطلوا صدقاتكم أي : ثواب صدقاتكم وأجور نفقاتكم .

                                                                                                                                                                                  وفي صحيح مسلم من حديث أبي ذر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ، ولا ينظر إليهم ، ولا يزكيهم [ ص: 267 ] ولهم عذاب أليم : المنان بما أعطى ، والمسبل إزاره ، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب " .

                                                                                                                                                                                  ولما خاطبهم بهذا الخطاب ونهاهم عن إبطال صدقاتهم بالمن والأذى شبه إبطالهم بإبطال المنافق الذي ينفق ماله رئاء الناس ، لا يريد بإنفاقه رضى الله تعالى عنه ، ولا ثواب الآخرة ، ثم مثل ذلك بصفوان ، وهو الحجر الأملس عليه تراب فأصابه وابل أي : مطر شديد عظيم القدر فتركه صلدا وهو الأملس الذي لا ينبت عليه شيء ، ثم قال : لا يقدرون على شيء مما كسبوا أي : لا يجدون يوم القيامة ثواب شيء مما عملوا كما لا يحصل النبات من الأرض الصلدة أو من التراب الذي على الصفوان ، ثم قال : والله لا يهدي القوم الكافرين أي : لا يخلق لهم الهداية ، ولا يهديهم غدا لطريق الجنة ، شبه الكافر بالصفوان وعمله بالتراب .



                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية