[ ص: 18 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=1بسم الله الرحمن الرحيم )
وبه العون
(
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=2الحمد لله رب العالمين ، nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=3الرحمن الرحيم ، nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=4مالك يوم الدين ، ) الذي خلق الإنسان من طين ، وجعل نسله من سلالة من ماء مهين ، ثم سواه ونفخ فيه من روحه ، وجعل لهم السمع ، والأبصار ، والأفئدة ، وبعث فيهم الرسل ، والأئمة مبشرين بالجنة من أطاع الله ، ومنذرين بالنار من عصى الله ، وخصنا بالنبي المصطفى ، والرسول المجتبى ،
أبي القاسم ، محمد بن عبد الله بن عبد المطلب - صلى الله عليه وعلى آله - ، الذين هداهم الله ، واصطفاهم من
بني هاشم ، والمطلب ، أرسله بالحق إلى من جعله من أهل التكليف من كافة الخلق بشيرا ونذيرا ، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا ، وأنزل معه كتابا عزيزا ، ونورا مبينا ، وتبصرة وبيانا ، وحكمة وبرهانا ، ورحمة وشفا ، وموعظة وذكرا . فنقل به من أنعم عليه بتوفيقه من الكفر والضلالة إلى الرشد والهداية ، وبين فيه ما أحل وما حرم ، وما حمد وما ذم ، وما يكون عبادة وما يكون معصية نصا أو دلالة ، ووعد وأوعد ، وبشر وأنذر ، ووضع رسوله - صلى الله عليه وسلم - من دينه موضع الإبانة عنه ، وحين قبضه الله قيض في أمته جماعة اجتهدوا في معرفة كتابه وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - ، حتى رسخوا في العلم ، وصاروا أئمة يهدون بأمره ، ويبينون ما يشكل على غيرهم من أحكام القرآن وتفسيره .
وقد
nindex.php?page=treesubj&link=28967_28955صنف غير واحد من المتقدمين والمتأخرين في تفسير القرآن ومعانيه ، [ ص: 19 ] وإعرابه ومبانيه ، وذكر كل واحد منهم في أحكامه ما بلغه علمه ، وربما يوافق قوله قولنا وربما يخالفه ، فرأيت من دلت الدلالة على صحة قوله -
أبا عبد الله محمد بن إدريس الشافعي المطلبي ابن عم
محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم وعلى آله - قد أتى على بيان ما يجب علينا معرفته من أحكام القرآن . وكان ذلك مفرقا في كتبه المصنفة في الأصول ، والأحكام ، فميزته وجمعته في هذه الأجزاء على ترتيب المختصر ، ليكون طلب ذلك منه على من أراد أيسر ، واقتصرت في حكاية كلامه على ما يتبين منه المراد دون الإطناب ، ونقلت من كلامه في أصول الفقه واستشهاده بالآيات التي احتاج إليها من الكتاب ، على غاية الاختصار - ما يليق بهذا الكتاب . وأنا أسأل الله البر الرحيم أن ينفعني ، والناظرين فيه بما أودعته ، وأن يجزينا جزاء من اقتدينا به فيما نقلته ، فقد بالغ في الشرح ، والبيان ، وأدى النصيحة في التقدير ، والتبيان ، ونبه على جهة الصواب ، والبرهان ؛ حتى أصبح من اقتدى به على ثقة من دين ربه ، ويقين من صحة مذهبه . والحمد لله الذي شرح صدرنا للرشاد ، ووفقنا لصحة هذا الاعتقاد ، وإليه الرغبة (عزت قدرته ) في أن يجري على أيدينا موجب هذا الاعتقاد ومقتضاه ، ويعيننا على ما فيه إذنه ورضاه ، وإليه التضرع في أن يتغمدنا برحمته ، وينجينا من عقوبته ، إنه الغفور الودود ، والفعال لما يريد ، وهو حسبنا ونعم الوكيل .
* * *
[ ص: 18 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=1بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ )
وَبِهِ الْعَوْنُ
(
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=2الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=3الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=4مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ، ) الَّذِي خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ طِينٍ ، وَجَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ ، ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ ، وَجَعَلَ لَهُمُ السَّمْعَ ، وَالْأَبْصَارَ ، وَالْأَفْئِدَةَ ، وَبَعَثَ فِيهِمُ الرُّسُلَ ، وَالْأَئِمَّةَ مُبَشِّرِينَ بِالْجَنَّةِ مَنْ أَطَاعَ اللَّهَ ، وَمُنْذِرِينَ بِالنَّارِ مَنْ عَصَى اللَّهَ ، وَخَصَّنَا بِالنَّبِيِّ الْمُصْطَفَى ، وَالرَّسُولِ الْمُجْتَبَى ،
أَبِي الْقَاسِمِ ، مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ - ، الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ ، وَاصْطَفَاهُمْ مِنْ
بَنِي هَاشِمٍ ، وَالْمُطَّلِبِ ، أَرْسَلَهُ بِالْحَقِّ إِلَى مَنْ جَعَلَهُ مِنْ أَهْلِ التَّكْلِيفِ مِنْ كَافَّةِ الْخَلْقِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا ، وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا ، وَأَنْزَلَ مَعَهُ كِتَابًا عَزِيزًا ، وَنُورًا مُبِينًا ، وَتَبْصِرَةً وَبَيَانًا ، وَحِكْمَةً وَبُرْهَانًا ، وَرَحْمَةً وَشِفًا ، وَمَوْعِظَةً وَذِكْرًا . فَنَقَلَ بِهِ مَنْ أَنْعَمَ عَلَيْهِ بِتَوْفِيقِهِ مِنَ الْكُفْرِ وَالضَّلَالَةِ إِلَى الرُّشْدِ وَالْهِدَايَةِ ، وَبَيَّنَ فِيهِ مَا أَحَلَّ وَمَا حَرَّمَ ، وَمَا حَمِدَ وَمَا ذَمَّ ، وَمَا يَكُونُ عِبَادَةً وَمَا يَكُونُ مَعْصِيَةً نَصًّا أَوْ دَلَالَةً ، وَوَعَدَ وَأَوْعَدَ ، وَبَشَّرَ وَأَنْذَرَ ، وَوَضَعَ رَسُولَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ دِينِهِ مَوْضِعَ الْإِبَانَةِ عَنْهُ ، وَحِينَ قَبَضَهُ اللَّهُ قَيَّضَ فِي أُمَّتِهِ جَمَاعَةً اجْتَهَدُوا فِي مَعْرِفَةِ كِتَابِهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، حَتَّى رَسَخُوا فِي الْعِلْمِ ، وَصَارُوا أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِهِ ، وَيُبَيِّنُونَ مَا يُشْكِلُ عَلَى غَيْرِهِمْ مِنْ أَحْكَامِ الْقُرْآنِ وَتَفْسِيرِهِ .
وَقَدْ
nindex.php?page=treesubj&link=28967_28955صَنَّفَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ وَمَعَانِيهِ ، [ ص: 19 ] وَإِعْرَابِهِ وَمَبَانِيهِ ، وَذَكَرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي أَحْكَامِهِ مَا بَلَغَهُ عِلْمُهُ ، وَرُبَّمَا يُوَافِقُ قَوْلُهُ قَوْلَنَا وَرُبَّمَا يُخَالِفُهُ ، فَرَأَيْتُ مَنْ دَلَّتِ الدَّلَالَةُ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِهِ -
أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدَ بْنَ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيِّ الْمُطَّلِبِيِّ ابْنَ عَمِّ
مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى آلِهِ - قَدْ أَتَى عَلَى بَيَانِ مَا يَجِبُ عَلَيْنَا مَعْرِفَتُهُ مِنْ أَحْكَامِ الْقُرْآنِ . وَكَانَ ذَلِكَ مُفَرَّقًا فِي كُتُبِهِ الْمُصَنَّفَةِ فِي الْأُصُولِ ، وَالْأَحْكَامِ ، فَمَيَّزْتُهُ وَجَمَعْتُهُ فِي هَذِهِ الْأَجْزَاءِ عَلَى تَرْتِيبِ الْمُخْتَصَرِ ، لِيَكُونَ طَلَبُ ذَلِكَ مِنْهُ عَلَى مَنْ أَرَادَ أَيْسَرَ ، وَاقْتَصَرَتْ فِي حِكَايَةِ كَلَامِهِ عَلَى مَا يَتَبَيَّنُ مِنْهُ الْمُرَادُ دُونَ الْإِطْنَابِ ، وَنَقَلْتُ مِنْ كَلَامِهِ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ وَاسْتِشْهَادِهِ بِالْآيَاتِ الَّتِي احْتَاجَ إِلَيْهَا مِنَ الْكِتَابِ ، عَلَى غَايَةِ الِاخْتِصَارِ - مَا يَلِيقُ بِهَذَا الْكِتَابِ . وَأَنَا أَسْأَلُ اللَّهَ الْبَرَّ الرَّحِيمَ أَنْ يَنْفَعَنِي ، وَالنَّاظِرِينَ فِيهِ بِمَا أَوْدَعْتُهُ ، وَأَنْ يَجْزِيَنَا جَزَاءَ مَنِ اقْتَدَيْنَا بِهِ فِيمَا نَقَلْتُهُ ، فَقَدْ بَالَغَ فِي الشَّرْحِ ، وَالْبَيَانِ ، وَأَدَّى النَّصِيحَةَ فِي التَّقْدِيرِ ، وَالتِّبْيَانِ ، وَنَبَّهَ عَلَى جِهَةِ الصَّوَابِ ، وَالْبُرْهَانِ ؛ حَتَّى أَصْبَحَ مَنِ اقْتَدَى بِهِ عَلَى ثِقَةٍ مِنْ دِينِ رَبِّهِ ، وَيَقِينٍ مِنْ صِحَّةِ مَذْهَبِهِ . وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي شَرَحَ صَدْرَنَا لِلرَّشَادِ ، وَوَفَّقَنَا لِصِحَّةِ هَذَا الِاعْتِقَادِ ، وَإِلَيْهِ الرَّغْبَةُ (عَزَّتْ قُدْرَتُهُ ) فِي أَنْ يُجْرِي عَلَى أَيْدِينَا مُوجِبَ هَذَا الِاعْتِقَادِ وَمُقْتَضَاهُ ، وَيُعِينَنَا عَلَى مَا فِيهِ إِذْنُهُ وَرِضَاهُ ، وَإِلَيْهِ التَّضَرُّعُ فِي أَنْ يَتَغَمَّدَنَا بِرَحْمَتِهِ ، وَيُنْجِيَنَا مِنْ عُقُوبَتِهِ ، إِنَّهُ الْغَفُورُ الْوَدُودُ ، وَالْفَعَّالُ لِمَا يُرِيدُ ، وَهُوَ حَسْبُنَا وَنِعْمَ الْوَكِيلُ .
* * *