تحويل القبلة
قرئ على الشيخ أبي عبد الله محمد بن إبراهيم المقدسي وأنا حاضر في الرابعة: أخبركم أبو الحسن علي بن النفيس بن بورنداز، قراءة عليه ببغداد فأقر به، قال: أخبرنا أبو الوقت عبد الأول بن عيسى ، أخبرنا أبو عطاء بن أبي عاصم ، أخبرنا حاتم بن محمد بن يعقوب ، حدثنا أبو العباس محمد بن محمد بن الحسن الفريزني ، حدثنا أبو جعفر رجاء بن عبد الله بن فورجة ، حدثنا مالك بن سليمان الهروي ، عن يزيد بن عطاء ، عن أبي إسحاق، عن قال: لقد صلينا بعد قدوم النبي صلى الله عليه وسلم نحو البراء بن عازب، بيت المقدس ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا، وكان الله يعلم أنه يحب أن يوجه نحو الكعبة، فلما وجه النبي صلى الله عليه وسلم إليها صلى رجل معه، ثم أتى قوما من الأنصار وهم ركوع نحو بيت المقدس، فقال لهم وهم ركوع: أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد وجه نحو الكعبة، فاستداروا وهم ركوع فاستقبلوها.
رواه وغيره من حديث البخاري ، عن أبي إسحاق البراء.
[ ص: 364 ] ورويناه من طريق حدثنا ابن سعد: ، حدثنا الحسن بن موسى زهير ، حدثنا ، عن أبو إسحاق البراء.. الحديث وفيه: وأنه صلى أول صلاة صلاها العصر، وصلاها معه قوم، فخرج رجل ممن صلاها معه، فمر على أهل مسجد وهم راكعون، فقال: أشهد بالله، لقد صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل مكة، فداروا كما هم قبل البيت.
وكان يعجبه أن يحول قبل البيت، وكانت اليهود قد أعجبهم إذ كان يصلي قبل بيت المقدس، وأهل الكتاب، فلما ولى وجهه قبل البيت أنكروا ذلك.
وفيه: أنه مات على القبلة قبل أن تحول قبل البيت رجال وقتلوا، فلم ندر ما نقول فيهم، فأنزل الله تعالى: ( وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرؤوف رحيم ) .
وقد اتفق العلماء على أن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة كانت إلى بيت المقدس، وأن تحويل القبلة إلى الكعبة كان بها، واختلفوا: كم أقام النبي صلى الله عليه وسلم يصلي إلى بيت المقدس بعد مقدمه المدينة؟ وفي أي صلاة كان التحويل؟ وفي صلاته عليه الصلاة والسلام قبل ذلك بمكة كيف كانت؟
فأما مدة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس بالمدينة فقد رويناه أنه كان ستة عشر شهرا، أو سبعة عشر شهرا، أو ثمانية عشر شهرا، وروينا بضعة عشر شهرا.
قال الحربي: ثم قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة في ربيع الأول، فصلى إلى بيت المقدس تمام السنة، وصلى من سنة اثنتين ستة أشهر، ثم حولت القبلة في رجب.
وكذلك روينا عن قال: ولما صرفت القبلة عن ابن إسحاق، الشام إلى الكعبة، وصرفت في رجب على رأس سبعة عشر شهرا من مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة في خبر ذكره، وسنذكره بعد تمام هذا الكلام إن شاء الله تعالى.
وقال ، موسى بن عقبة وإبراهيم بن سعد: ، عن ، عن ابن شهاب عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك; أن القبلة صرفت في جمادى. [ ص: 365 ]
وقال إنما صرفت في صلاة الظهر يوم الثلاثاء في النصف من شعبان. كذا وجدته عن الواقدي: أبي عمر بن عبد البر. والذي رويناه عن من طريق الواقدي حدثنا ابن سعد: إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة ، عن ، عن داود بن الحصين ، عن عكرمة قال ابن عباس، وأخبرنا ابن سعد: عبد الله بن جعفر الزهري، عن عثمان بن محمد الأخنسي وعن غيرهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة صلى إلى بيت المقدس ستة عشر شهرا، وكان يحب أن يصرف إلى الكعبة، فقال: "يا جبريل! وددت أن الله صرف وجهي عن قبلة يهود". فقال جبريل: إنما أنا عبد، فادع ربك وسله، وجعل إذا صلى إلى بيت المقدس يرفع رأسه إلى السماء، فنزلت: ( قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام ) فوجه إلى الكعبة، إلى الميزاب. ويقال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين من الظهر في مسجده بالمسلمين، ثم أمر أن يوجه إلى المسجد الحرام، فاستدار إليه، ودار معه المسلمون، ويقال: بل زار رسول الله صلى الله عليه وسلم أم بشر بن البراء بن معرور في بني سلمة، فصنعت له طعاما، وحانت الظهر، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه ركعتين، ثم أمر أن يوجه إلى الكعبة، فاستقبل الميزاب، فسمي المسجد مسجد القبلتين، وذلك يوم الاثنين للنصف من رجب على رأس سبعة عشر شهرا. وفرض صوم شهر رمضان في شعبان على رأس ثمانية عشر شهرا. قال وهذا الثبت عندنا . محمد بن عمر:
قال القرطبي: الصحيح سبعة عشر شهرا، وهو قول مالك ، ، وابن المسيب وابن إسحاق.
وقد روي ثمانية عشر، وروي بعد سنتين، وروي بعد تسعة أشهر أو عشرة أشهر، والصحيح ما ذكرناه أولا.
وأما ففي خبر الصلاة التي وقع فيها تحويل القبلة، هذا أنها الظهر، وقد ذكرنا في حديث الواقدي البراء قبل هذا أنها العصر. وقد روينا عن قال: أخبرنا ابن سعد، ، حدثنا عفان بن [ ص: 366 ] مسلم قال: أخبرنا حماد بن سلمة، ثابت، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي نحو أنس بن مالك، بيت المقدس، فنزل: ( قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام ) فمر رجل بقوم من بني سلمة وهم ركوع في صلاة الفجر (وقد صلوا ركعة) ، فنادى: ألا إن القبلة قد حولت إلى الكعبة، فمالوا إلى الكعبة . عن
وروينا عن قال: أخبرنا ابن سعد، ، حدثنا الفضل بن دكين ، حدثنا قيس بن الربيع عن زياد بن علاقة، عمارة بن أوس الأنصاري، قال: صلينا إحدى صلاتي العشي، فقام رجل على باب المسجد ونحن في الصلاة، فنادى: إن الصلاة قد وجهت نحوالكعبة، فتحول أو تحرف إمامنا نحو الكعبة والنساء والصبيان، وليس في هذين الخبرين ما يعارض ما قبلهما لأن بلوغ التحويل غير التحويل.