الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 8582 ) فصل : إذا قال أحد الشريكين لشريكه : إذا أعتقت نصيبك ، فنصيبي حر مع نصيبك . فأعتق نصيبه ، عتقا معا ، ولم يلزم المعتق شيء . وقيل : يعتق كله على المعتق ; لأن إعتاق نصيبه شرط عتق نصيب شريكه ، فيلزم أن يكون سابقا عليه . والأول أولى ; لأنه أمكن العمل بمقتضى شرطه ، فوجب حمله عليه ، كما لو وكله في إعتاق نصيبه مع نصيبه ، فأعتقهما معا . وإن قال : إذا أعتقت نصيبك ، فنصيبي حر ، فقال أصحابنا : إذا أعتق نصيبه ، سرى ، وعتق عليه كله ، وقوم عليه ، ولا يقع إعتاق شريكه ; لأن السراية ، سبقت ، فمنعت عتق الشريك .

                                                                                                                                            ويحتمل أن يعتق عليهما جميعا ; لأن عتق نصيبه سبب للسراية ، وشرط لعتق نصيب الشريك ، فلم يسبق أحدهما الآخر ; لوجودهما في حال واحد . وقد يرجح وقوع عتق الشريك ; لأنه تصرف منه في ملكه ، والسراية تقع في غير الملك على خلاف الأصل ، فكان نفوذ عتق الشريك أولى . ولأن سراية العتق على خلاف الأصل ; لكونها إتلافا لملك المعصوم بغير رضاه ، وإلزاما للمعتق غرامة لم يلتزمها بغير اختياره ، وإنما يثبت لمصلحة تكميل العتق ، فإذا حصلت هذه المصلحة بإعتاق المالك ، كان أولى . وإن قال : إذا أعتقت نصيبك ، فنصيبي حر قبل إعتاقك نصيبك . وقعا معا ، إذا أعتق نصيبه . وهذا مقتضى قول أبي بكر ، والقاضي . ومقتضى قول ابن عقيل أن يعتق كله على المعتق ، ولا يقع إعتاق شريكه ; لأنه أعتق في زمن ماض .

                                                                                                                                            ومقتضى قول ابن سريج ومن وافقه ، ممن قال بسراية العتق ، أن لا يصح إعتاقه ; لأنه يلزم من عتقه نصيبه تقدم عتق الشريك وسرايته ، فيمتنع إعتاق نصيب هذا ، ويمتنع عتق نصيب الشريك ، ويفضي إلى الدور ، فيمتنع الجميع . وقد مضى الكلام في هذا في مسائل الطلاق . والله تعالى أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية