( 8762 ) مسألة : قال : ( وإذا كاتب نصف عبد فأدى ما كوتب عليه ومثله لسيده صار حرا بالكتابة إن كان الذي كاتبه معسرا ، وإن كان موسرا عتق عليه كله وصار نصف قيمته على الذي كاتبه لشريكه ) . وجملته أن ، وتصح منه سواء كان باقيه حرا أو مملوكا لغيره - وسواء أذن فيه الشريك أو لم يأذن . هذا ظاهر كلام الرجل إذا كان له نصف عبد كانت له مكاتبته الخرقي وأبي بكر ، وقول الحكم . وحكي ذلك عن وابن أبي ليلى الحسن البصري والحسن بن صالح ومالك والعنبري ، وكره الثوري وحماد كتابته بغير إذن شريكه . وقال : إن فعل رددته إلا أن يكون نقده فيضمن لشريكه نصف ما في يده الثوري
، وقال : تصح بإذن الشريك ولا تصح بغير إذنه وهذا أحد قولي أبو حنيفة إلا أن الشافعي قال : إذنه فيما مضى في ذلك يقتضي الإذن في تأدية مال الكتابة من جميع كسبه ، ولا يرجع الآذن بشيء منه . وقال أبا حنيفة أبو يوسف : يكون جميعه مكاتبا . وقال ومحمد في أحد قوليه : إن كان باقيه حرا صحت كتابته ، وإن كان باقيه ملكا لم تصح كتابته سواء أذن فيه الشريك أم لم يأذن ; لأن كتابته تقتضي إطلاقه في رد الكسب والمسافرة ، وملك نصفه يمنع ذلك ويمنعه أخذ نصيبه من الصدقات ; لئلا يصير كسبا له ويستحق سيده نصفه ، ولأنه إذا أدى عتق جميعه فيؤدي إلى أن يؤدي نصف كتابته ويعتق جميعه . الشافعي
ولنا أنه عقد معاوضة على نصفه فصح كبيعه ، ولأنه ملك له يصح بيعه وهبته فصحت كتابته كما لو ملك جميعه ، ولأنه ينفذ إعتاقه فصحت كتابته كالعبد الكامل ، وكما لو كان باقيه حرا - عند أو أذن فيه الشريك عند الباقين . وقولهم : إنه يقتضي المسافرة والكسب وأخذ الصدقة قلنا : أما المسافرة فليست من المقتضيات الأصلية فوجود مانع منها لا يمنع أصل العقد . وأما الكسب وأخذ الصدقة فإنه لا يمنع كسبه وأخذه الصدقة بجزئه [ ص: 368 ] بالمكاتبة ولا يستحق الشريك شيئا منه ; لأنه إنما استحق ذلك بالجزء المكاتب ، ولا حق للشريك فيه ، فكذلك فيما حصل به ، كما لو ورث شيئا بجزئه الحر ، وأما الكسب فإن هايأه مالك نصفه فكسب في نوبته شيئا لم يشاركه فيه أيضا ، وإن لم يهايئه فكسب بجملته شيئا كان بينهما له بقدر ما فيه من الجزء المكاتب ولسيده الباقي ; لأنه كسبه بجزئه المملوك فيه ، فأشبه ما لو كسب قبل كتابته فيقسم بين سيديه . الشافعي -
وقولهم : إنه يفضي إلى أن يؤدي بعض الكتابة فيعتق جميعه . قلنا : يبطل هذا بما لو علق عتق نصيبه على أداء مال فإنه يؤدي عوض البعض ويعتق الجميع ، على أننا نقول : لا يعتق حتى يؤدي جميع الكتابة فإن جميع الكتابة هو الذي كاتبه عليه مالك نصفه ولم يبق منها شيء ، فلا يعتق حتى يؤدي جميعها ولأنه لا يعتق الجميع بالأداء وإنما يعتق الجزء المكاتب لا غير ، وباقيه إن كان المكاتب معسرا لم يعتق ، وإن كان موسرا عتق بالسراية لا بالكتابة ، ولا يمنع هذا كما لو أعتق بعضه عتق جميعه ، فإذا جاز جميعه بإعتاق بعضه بطريق السراية جاز ذلك فيما يجري مجرى العتق ، إذا ثبت هذا فإنه إذا كاتب نصيبه لم تسر الكتابة ولم يتعد الجزء الذي كاتبه ; لأن الكتابة عقد معاوضة فلم يسر كالبيع ، وليس للعبد أن يؤدي إلى مكاتبه شيئا حتى يؤدي إلى شريكه مثله سواء أذن الشريك في كتابته أو لم يأذن ; لأنه إنما أذن في كتابة نصيبه ، وذلك يقتضي أن يكون نصيبه باقيا له ، ولا يقتضي أن يكون معروفا في الكتابة
وهذا إذا كان الكسب بجميعه فإن أدى الكتابة من جميع كسبه لم يعتق ; لأن الكتابة الصحيحة تقتضي العتق ببراءته من العوض وذلك لا يحصل بدفع ما ليس له ، وإن أدى إليهما جميعا عتق كله ; لأن نصفه يعتق بالأداء فإذا عتق سرى إلى سائره .
وإن كان الذي كاتبه موسرا ; لأن عتقه بسبب من جهته فلزمته قيمته كما لو باشره بالعتق أو كما لو علق عتق نصيبه على صفة فعتق بها ، ويرجع الشريك على المكاتب بنصف قيمته كما لو باشره بالعتق ، فأما إن ملك العبد شيئا بجزئه المكاتب ، مثل أن هايأه سيده فكسب شيئا في نوبته أو أعطى من الصدقة من سهم الرقاب أو من غيره ، فلا حق لسيده فيه ، وله أداء جميعه في كتابته ; لأنه إنما استحق ذلك بما فيه من الكتابة فأشبه النصف الباقي بعد إعطاء الشريك حقه .
فلو كان ثلثه حرا وثلثه مكاتبا وثلثه رقيقا ، فورث بجزئه الحر ميراثا ، وأخذ بجزئه المكاتب من سهم الرقاب ، فله دفع ذلك كله في كتابته ; لأنه ما استحق بجزئه الرقيق شيئا منه فلا يستحق مالكه منه شيئا ، وإذا أدى جميع كتابته عتق فإذا كان الذي كاتبه معسرا ، لم يسر العتق ولم يتعد نصيبه ، كما إذا واجهه بالعتق إلا على الرواية التي نقول فيها بالاستسعاء فإنه يستسعى في نصيب الذي لم يكاتب ، وإن كان موسرا سرى إلى باقيه .