( 8825 ) مسألة : قال : وإذا ، فقد صار العبد كله حرا ، ويرجع الشريك على المعتق بنصف قيمته قد ذكرنا فيما تقدم ، أن العبد المشترك يجوز لأحد الشريكين كتابة نصيبه منه ، بغير إذن شريكه ، ويبقى سائره غير مكاتب ، فإذا فعل هذا ، فأعتق الذي لم يكاتبه حصته منه ، وهو موسر ، عتق ، وسرى العتق إلى باقيه ، فصار كله حرا ، ويضمن لشريكه قيمة حصته منه ، ويكون الرجوع بقيمته مكاتبا ، يبقى على ما بقي من كتابته ; لأن الرجوع عليه بقيمة ما أتلف ، وإنما أتلف مكاتبا . وإن كان المعتق معسرا ، لم يسر العتق على ما مضى في باب العتق . كان العبد بين اثنين ، فكاتب أحدهما ، فلم يؤد كل كتابته حتى أعتق الآخر ، وهو موسر
وقال أبو بكر ، : لا يسري العتق في الحال ، لكن ينظر ; فإن أدى كتابته عتق باقيه بالكتابة ، وكان ولاؤه بينهما ، وإن فسخت كتابته لعجزه ، سرى العتق ، وقوم عليه حينئذ ; لأن سراية العتق في الحال مفضية إلى إبطال الولاء الذي انعقد سببه ، ونقله عن المكاتب إلى غيره . وقال والقاضي : عتق الشريك موقوف حتى ينظر ما يصنع في الكتابة ، فإن أداها ، عتق ، وكان المكاتب ضامنا لقيمة نصيب شريكه ، وولاؤه كله للمكاتب . وإن عجز ، سرى عتق الشريك ، وضمن نصف القيمة للمكاتب ، وكان ولاؤه كله له . وأما مذهب ابن أبي ليلى فلا يجوز كتابة أحد الشريكين ، إلا أن يأذن فيه شريكه ، فيكون فيه قولان ، فإذا كاتبه بإذن شريكه ، ثم أعتق الذي لم يكاتب فهل يسري في الحال ، أو يقف على العجز ؟ فيه قولان . ولنا ، قول النبي صلى الله عليه وسلم : { الشافعي } . وهذا داخل في عمومه ، ولأنه عتق لجزء من العبد موسر ، غير محجور عليه ، فسرى إلى باقيه ، كما لو كان قنا ، ولأن مقتضى السراية متحقق ، والمانع منها لم يثبت كونه مانعا ; فإنه لا نص فيه ، ولا أصل له يقاس عليه ، فوجب أن يثبت . من أعتق شركا له في عبد ، وكان له ما يبلغ قيمة العبد قوم عليه قيمة عدل
وقولهم : إنه يفضي إلى إبطال الولاء . قلنا : إذا كان العتق يؤثر في إبطال الملك الثابت المستقر ، الذي الولاء من بعض آثاره ، فلأن يؤثر في نقل الولاء بمفرده أولى ، ولأنه لو أعتق عبدا له أولاد من معتقة قوم ، نقل ولاءهم إليه ، فإذا نقل ولاءهم الثابت بإعتاق غيرهم ، فلأن ينقل ولاء لم يثبت بعد بإعتاق من عليه الولاء أولى ، ولأنه نقل الولاء ثم عمن لم يغرم له عوضا ، فلأن ينقله بالعوض أولى ، فانتقال الولاء في موضع جر الولاء ، ينبه على سراية العتق . وانتقال الولاء إلى المعتق ; لكونه أولى منه من ثلاثة أوجه ; أحدها ، أن الولاء ثم ثابت ، وها هنا بعرض الثبوت . والثاني ، أن النقل حصل ثم بإعتاق غيره ، وها هنا بإعتاقه . والثالث ، أنه انتقل ثم بغير عوض ، وها هنا بعوض . [ ص: 401 ]
فصل : وإن كان المعتق معسرا ، لم يسر عتقه ، وكان نصيبه حرا ، وباقيه على الكتابة ، فإن أدى ، عتق عليهما ، وكان ولاؤه بينهما ، وإن عجز ، عاد الجزء المكاتب رقيقا قنا ، إلا على الرواية التي تقول : يستسعى العبد . فإنه يستسعى عند عجزه في قيمة باقيه ، ولا يستسعى في حال الكتابة ; لأن الكتابة سعاية فيما اتفقا عليه ، فاستغني بها عن السعاية فيما يحتاج إلى التقويم ، فإذا عجز وفسخت الكتابة ، بطلت ، ورجع إلى السعاية في القيمة . والله أعلم .