ثانيا: الأسس العامة لتكوين المجمع
من أهم ما يجب توفره في تكوين المجمع الأسس الآتية:
1 - أن يتكون المجمع من أغلب المجتهدين في العالم الإسلامي ممن جمعوا بين العلم الشرعي والاستنارة الزمنية، وصلاح السيرة والتقوى، [ ص: 127 ] ويضم إلى هـؤلاء علماء موثوقين في دينهم من مختلف الاختصاصات الزمنية اللازمة، في شئون الاقتصاد والاجتماع والقانون والطب ونحو ذلك، ليكونوا بمثابة خبراء يعتمد الفقهاء رأيهم في الاختصاصات الفنية [1] .
2 - أن يكون المجمع عالمي التكوين، وذلك بأن يضم من كل قطر إسلامي أشهر فقهائه الراسخين [2] ، ويمكن التعرف على وجهة نظر المرأة المجتهدة، والإفادة من رأيها.. وتكون البداية في التعرف على العلماء المجتهدين الذين يشكلون نواة المجمع، من خلال المشهورين بمؤلفاتهم وجهودهم الإسلامية في مجال التشريع والفكر، فيكون هـؤلاء هـم البداية التي تتكون بهم الهيئة التأسيسية للمجمع، ثم يضاف إليهم من يرونه صالحا لأن يكون معهم، من خلال ضوابط موضوعية يتفق عليها أعضاء الهيئة التأسيسية.
3 - أن يرشح الشخص لعضوية المجمع على أساس فقهه وورعه، وليس على أساس منصبه الرسمي أو ولائه لحكومة أو نظام سياسي، وأن لا ينتخب على أساس عصبية مذهبية أو جنسية أو إقليمية [3] ، وأن لا يبعد عنه عالم كفء لاعتبار سياسي، كما لا يدخل فيه دعي لاعتبار سياسي أيضا.. فيجب ضبط الأمور بما يحفظ للاجتهاد رسالته ومهابته، خاصة في هـذا العصر الذي كثر فيه الأدعياء والمغرورون، وانتشر المتهورون الذين لو فتح لهم الباب على مصراعيه لاجترءوا على حدود الله، وغيروا معالم الشريعة [ ص: 128 ] إرضاء لنزوة، أو سعيا لشهرة، أو اتباعا لهوى ملك أو رئيس أو أميـر [4] ، وإنما يقتصر على من يشهد له أهل العلم بالفقه والاستقامة وتلقي الناس.
4 - أن يتحقق في العضو أهلية الاجتهاد، ويمكن معرفة ذلك بطرق معينة يقرها المجمع، وله بعد ذلك أن يتحرى ويحتاط [5] .
5 - أن يضع المجمع نظاما تأسيسيا يوضح الأسس العامـة لتكوينـه، كما يضع لائحة تفصيلية لإدارته وتسييره، ويضع له في كل فترة خطة وبرنامجا يحدد فيه ما سيقوم به من أعمال في أثناء تلك الفترة، ووسائله لتحقيق أهدافه. (وأن يكون للمجمع عدد من اللجان ومراكز البحث العلمي، تكون مهمتها تيسير الاستنباط والوصول إلى الأحكام الشرعية بيسر وسهولة، وتشرف على كل ذلك لجنة عليا) [6] .
6 - أن يتفرغ عدد كاف من أعضاء المجمع لمواصلة أبحاثهم واجتهاداتهم تفرغا كاملا، ويكون لبقية الأعضاء اجتماعات دورية بحسب ما يقتضيه العمل، ويكون للمجمـع اجتماعـات منتظمـة بحسب ما يراه الأعضاء وما يتطلبه العمل لمناقشة المستجدات ومواكبة التطورات.
7 - أن يتفق أعضاء المجمع على تحديد معالم المنهجية التي سيسيرون عليها في اجتهاداتهم واستنباطاتهم الفقهية، ويلتزموا بها، مهتدين في ذلك بأصـول التشريـع ومناهـج السلف، وأن لا يتقيـدوا بمذهب معين، [ ص: 129 ] وإنما يقدموا الراجح على غيره، أيا كان مذهب قائله، وأن يستعينوا بأهل الاختصاص في القضايا ذات الطابع الفني [7] .
8 - أن يتخذ القرار في المجمع بإجماع أعضائه، وعند اختلافهم يؤخذ برأي الأكثرية من المجتهدين، فإنه أقرب إلى الصواب [8] ، أما أعضاء المجمع من الخبراء والباحثين غير المجتهدين، فيقتصر دورهم على تكييف الوقائع وتبيينهـا للمجتهدين، ولا علاقـة لهم بالنظـر أو التصـويت على الأحكام الشرعية.
9 - أن يأمر ولي الأمر بتنفيذ مقررات الاجتهاد الجماعي في المسائل الاجتماعية العامة، حتى يكون لتلك المقررات صفة الإلزام، فمن المعلوم في التشريع الإسلامي أن حكم الحاكم يرفع الخلاف [9] ، وكذا لو صدر بتنظيم المجمع قرار ولي الأمر، فإنه يجعل مقررات المجمع واجبة التطبيق.
10 - أن تتحول بحوث المجمع ودراساته إلى مقررات قانونية يسهل الاستفادة منها في مجال التقنين والتطبيق بشكل موحد [10] ، ويتم الإعلان عن هـذه الأحكام في جميع وسائل الإعلام المختلفة، ثم تطبع في كتب وتوزع على بلدان العالم الإسلامي. [ ص: 130 ]
11 - أن لا يكون المجمع مجرد مظهر تقليدي أجوف فارغ المحتوى، ليس له أثر في إمداد الأمة، بالأحكام اللازمة لقضاياها، أو أن تكون اجتماعاته مجرد لقاءات دورية باهتة، تستهدف التظاهر بالعمل، وتكرار مجموعة من المقررات الفارغة، بل يجب أن يكون المجمع منارة لإيقاظ الأمة وعلاج مشاكلها [11] .
12 - أن يؤسس المجمع مراكز له في كل قطر من الأقطار الإسلامية، ويوكل إلى هـذه المراكز ترشيح العلماء القادرين على الاجتهاد، والنظر في الأدلة، ليكونوا أعضاء في المجمع الفقهي العالمي أو أعضاء في المجمع المحلي الذي هـو فرع للمجمع العالمي [12] .