( قال ) ، وإذا فإن عدتها أربعة أشهر وعشر ولا ينظر إلى الحبل لأنه من زنا حادث بعد موته فلا يغير حكم العدة الواجبة وقد وجب عليها التربص بأربعة أشهر وعشر عند الموت وزعم بعض المتأخرين من مشايخنا رحمهم الله أن في امرأة الكبير إذا حدث الولد بعد الموت يكون انقضاء العدة بالوضع وليس كذلك بل الجواب في الفصلين واحد ومتى كان الحبل حادثا بعد الموت كان من زنا فلا يتغير به حكم العدة . مات الصبي عن امرأته فظهر بها حبل بعد موته
وإنما الفرق في امرأة الكبير إذا جاءت بالولد لأقل من سنتين تنقضي عدتها لأنه يستند العلوق إلى ما قبل الموت حتى يحكم بثبوت النسب فيتبين به أن الحبل ليس بحادث بعد الموت ، وفي امرأة الصغير لا يستند العلوق إلى ما قبل الموت وإنما يستند إلى أقرب الأوقات لأن النسب لا يثبت منه ، وإذا لم يكن الحبل ظاهرا وقت الموت وإنما ظهر بعد الموت يجعل هذا حبلا حادثا .
فأما إذا كانت حبلى عند موت الصبي فعدتها أن تضع حملها استحسانا في قول أبي حنيفة رحمهما الله تعالى وعن ومحمد رحمه الله تعالى أن عدتها بالشهور ، وهو القياس ، وهو قول أبي يوسف زفر رحمهما الله تعالى ووجهه أنا نتيقن أن هذا الحبل من زنا فلا يتقدر انقضاء العدة به كما لو ظهر بعد موته وهذا لأن اعتبار وضع الحمل في العدة لحرمة الماء وصيانته ولا حرمة لماء الزاني . والشافعي
ولأنا نتيقن بفراغ رحمها من ماء الزوج عند موته فعليها العدة بالشهور حقا لنكاحه كما لو لم يكن بها حبل ولكنا استحسنا لظاهر قوله تعالى { وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن } وقد ذكرنا أنها [ ص: 53 ] قاضية على آية التربص لأنها نزلت بعدها وعموم هذه الآية يوجب أن لا تجب العدة على الحامل إلا بوضع الحمل وهو المعنى أنه قد لزمتها العدة وهي حامل فيتقدر انقضاء العدة بالوضع كامرأة الكبير وهذا لأن العدة في الأصل مشروعة لتعرف براءة الرحم .
وحقيقة ذلك بوضع الحمل وذلك موجود في جانبها هنا وإنما انعدم اشتغال رحمها بماء الزوج وليس الشرط فيما تنقضي به العدة أن تكون من الزوج كالشهور والحيض وكما لو نفى حبل امرأته وفرق القاضي بينهما باللعان وحكم أن الولد ليس منه تنقضي عدتها بوضعه والدليل الحكمي كالدليل المتيقن به بخلاف ما إذا لم يكن الحبل ظاهرا عند الموت لأنا حكمنا بفراغ رحمها عند ذلك حملا لأمرها على الصلاح وألزمناها العدة بالشهور حقا للنكاح فلا يتغير ذلك بحدوث الحبل من زنا بعده .