الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال ) : وإن قال لها : أنت طالق على أن تعطيني ألف درهم ، أو على ألف درهم ، فهو سواء ، فإن قبلت في ذلك [ ص: 185 ] المجلس ، وقع عليها الطلاق ، والمال دين عليها تؤخذ به ; لأن كلام الزوج إيجاب للطلاق بجعل ، وليس بتعليق بشرط الإعطاء بمنزلة من يقول لغيره : بعت منك هذا العبد على ألف درهم ، أو على أن تعطيني ألف درهم يكون إيجابا ، لا تعليقا ، فإذا وجد القبول في المجلس وقع الطلاق ووجب المال عليها بخلاف قوله : إن جئتني ، أو إذا أعطيتني ، فإن هناك قد صرح بالتعليق بالشرط فما لم يوجد الشرط لا يقع الطلاق ، والدليل على الفرق أن هناك لو كان لها على الزوج ألف ، فاتفقا على جعل الألف قصاصا بما عليه لا يقع الطلاق ، وهنا يصير قصاصا بالدين الذي لها عليه ، وقد يجوز أن يثبت الحكم بالقبول مع التصريح بالإعطاء قال الله تعالى : { حتى يعطوا الجزية عن يد } ، وبالقبول يثبت حكم الذمة ، فإذا ثبت أن الحكم هنا يتعلق بقبول المال يشترط القبول منها في المجلس ، فإذا لم تقبل حتى قامت ، فهو باطل ، وفيما تقدم لما كان الإعطاء شرطا فبجعله قصاصا بما عليه لا يصير الشرط موجودا قبل الإعطاء ، والمقاصة بين دينين واجبين ففي قوله : إذا أعطيتني المال ، المال غير واجب عليها ، فلا يصير قصاصا .

وفي قوله : أنت طالق على أن تعطيني المال يجب عليها بالقبول فيصير قصاصا ، فإذا لم يصر قصاصا في قوله : إذا أعطيتني ، فرضي الزوج أن يوقع عليها طلاقا مستقبلا بالألف التي لها عليه ، فذلك جائز إذا قبلت ، وكان هذا منه لها إيجابا مبتدأ .

التالي السابق


الخدمات العلمية