في بيوت : يتعلق بما قبله ، أي : كمشكاة في بعض بيوت الله وهي المساجد ، كأنه [ ص: 308 ] قيل : مثل نوره كما يرى في المسجد نور المشكاة التي من صفتها كيت وكيت ، أو بما بعده ، وهو يسبح ، أي : يسبح له رجال في بيوت . وفيها تكرير ؛ كقولك : زيد في الدار جالس فيها ، أو بمحذوف ؛ كقوله : في تسع آيات [النمل : 12 ] أي : سبحوا في بيوت ، والمراد بالإذن : الأمر ، ورفعها : بناؤها ؛ كقوله : بناها رفع سمكها فسواها [النازعات : 27 28 ] ، وإذ يرفع إبراهيم القواعد [البقرة : 127 ] ، وعن -رضي الله عنهما - : هي المساجد ، أمر الله أن تبنى ، أو تعظيمها والرفع من قدرها ، وعن ابن عباس -رضي الله عنه - : ما أمر الله أن ترفع بالبناء ، ولكن بالتعظيم ، الحسن ويذكر فيها اسمه : أوفق له ، وهو عام في كل ذكر ، وعن -رضي الله عنهما - : وأن يتلى فيها كتابه ، وقرئ : "يسبح " : على البناء للمفعول ، ويسند إلى أحد الظروف الثلاثة ، أعني : ابن عباس له فيها بالغدو ، و "رجال " : مرفوع بما دل عليه "يسبح " ، وهو يسبح له ، و"تسبح " : بالتاء وكسر الباء ، وعن -رضي الله عنه - : بالتاء وفتح الباء ، ووجهها أن يسند إلى أوقات الغدو والآصال على زيادة الباء ، وتجعل الأوقات مسبحة ، والمراد ربها ، كصيد عليه يومان ، والمراد : وحشهما ، والآصال : جمع أصل وهو العشي ، والمعنى : بأوقات الغدو ، أي : بالغدوات ، وقرئ : "والإيصال " ، وهو الدخول في الأصيل ، يقال : آصل ، كأظهر وأعتم ، التجارة : صناعة التاجر ، وهو الذي يبيع ويشتري للربح ، فإما أن يريد : لا يشغلهم نوع من هذه الصناعة ، ثم خص البيع ، لأنه في الإلهاء أدخل ، من قبل أن التاجر إذا اتجهت له بيعة رابحة وهي طلبته الكلية من صناعته : ألهته ما لا يلهيه شراء شيء يتوقع فيه الربح في الوقت الثاني ؛ لأن هذا يقين وذلك مظنون ، وإما أن يسمى الشراء تجارة ؛ إطلاقا لاسم الجنس على النوع ، كما تقول : رزق فلان تجارة رابحة : إذا اتجه له بيع صالح أو شراء ، وقيل : التجارة لأهل الجلب ، اتجر فلان في كذا : إذا جلبه ، التاء في إقامة : عوض من العين الساقطة للإعلال ، والأصل : "إقوام" فلما أضيفت أقيمت الإضافة مقام حرف التعويض ، فأسقطت ؛ ونحوه [من البسيط ] : أبي جعفر
وأخلفوك عد الأمر الذي وعدوا
وتقلب القلوب والأبصار إما أن تتقلب وتتغير في أنفسها : وهو أن تضطرب من الهول والفزع وتشخص ؛ كقوله : وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر [الأحزاب : 10 ] ، وإما أن تتقلب أحوالها وتتغير فتفقه القلوب بعد أن كانت مطبوعا عليها لا تفقه ، وتبصر الأبصار بعد أن كانت عميا لا تبصر ، أحسن ما عملوا أي : أحسن جزاء أعمالهم ؛ كقوله : للذين أحسنوا الحسنى [يونس : 26 ] ، والمعنى : يسبحون ويخافون ؛ ليجزيهم ثوابهم مضاعفا [ ص: 309 ] ويزيدهم على الثواب تفضلا ، وكذلك معنى قوله : الحسنى وزيادة : المثوبة الحسنى وزيادة عليها من التفضل ، وعطاء الله تعالى : إما تفضل ، وإما ثواب ، وإما عوض ، والله يرزق : ما يتفضل به ، بغير حساب : فأما الثواب فله حساب ؛ لكونه على حسب الاستحقاق .