اللجي : العميق الكثير الماء ، منسوب إلى اللج وهو معظم ماء البحر . وفي "أخرج" ضمير الواقع فيه لم يكد يراها مبالغة في لم يرها : أي : لم يقرب أن يراها : فضلا عن أن يراها . ومثله قول [من الطويل ] : ذي الرمة
إذا غير النأي المحبين لم يكد رسيس الهوى من حب مية يبرح
[ ص: 310 ] أي لم يقرب من البراح فما باله يبرح ؟ شبه أعمالهم أولا في فوات نفعها وحضور ضررها بسراب لم يجده من خدعه من بعيد شيئا ، ولم يكفه خيبة وكمدا أن لم يجد شيئا كغيره من السراب ، حتى وجد عنده الزبانية تعتله إلى النار ، ولا يقتل ظمأه بالماء . وشبهها ثانيا في ظلمتها وسوادها لكونها باطلة ، وفي خلوها عن نور الحق بظلمات متراكمة من لج البحر والأمواج والسحاب ، ثم قال : ومن لم يوله نور توفيقه وعصمته ولطفه ، فهو في ظلمة الباطل لا نور له . وهذا الكلام مجراه مجرى الكنايات ؛ لأن الألطاف إنما تردف الإيمان والعمل أو كونهما مترقبين . ألا ترى إلى قوله : والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا [العنكبوت : 69 ] ، وقوله : ويضل الله الظالمين [إبراهيم : 27 ] ، وقرئ : "سحاب ظلمات " ، على الإضافة . وسحاب ظلمات ، برفع "سحاب" وتنوينه وجر "ظلمات" بدلا من "ظلمات" الأولى .