( وشرطه ) أي شروطه ( أن ) بالصفا ) ويختم بالمروة للاتباع مع خبر { ( يبدأ } وخبر { خذوا عني مناسككم } فلو بدأ ابدءوا بما بدأ الله به بالمروة لم يحسب مروره منها إلى الصفا مرة ويكمل سبعا بأخرى ، ولو نسي السابعة بدأ بها من الصفا ، أو السادسة حسبت له الخمس قبلها دون السابعة ; لأن الترتيب شرط فيلزمه سادسة من المروة وسابعة من الصفا ، أو الخامسة جعلت بدلها السابعة ولغت السادسة ثم يأتي بها وسابعة ( وأن يسعى سبعا ) للاتباع ( ذهابه من الصفا إلى المروة مرة ) بالرفع خبر ذهابه ( وعوده منها إليه أخرى ) ولو منكوسا أو كان يمشي القهقرى فما يظهر إذ القصد قطع المسافة ، ويشترط قطع المسافة بين الصفا والمروة كل مرة ولا بد أن يكون قطع ما بينهما من بطن الوادي وهو المسعى المعروف الآن ، وإن كان في كلام الأزرقي ما يوهم خلافه فقد أجمع العلماء وغيرهم من زمن الأزرقي إلى الآن على ذلك ، ولم أر في كلامهم ضبط عرض المسعى وسكوتهم عنه لعدم الاحتياج إليه ، فإن الواجب استيعاب المسافة التي بين الصفا والمروة كل مرة ، ولو لم يضر كما نص عليه التوى في سعيه عن محل السعي يسيرا رضي الله عنه ، وأن يلصق عقبه بأصل ما يذهب منه ورءوس أصابع رجليه بما يذهب إليه منهما وإن كان راكبا سير دابته حتى يلصق حافرها بذلك وبعض درج الشافعي الصفا محدث فليحذر من تخلفها وراءه ، ويسن فيه الطهارة والستر والمشي والموالاة فيه وبينه وبين الطواف والرمي ، والذكر المأثور كما يأتي ، ويكره وقوف الساعي في أثناء سعيه بلا عذر لحديث أو غيره ، وأن يصلي بعده ركعتين لا الركوب اتفاقا ، ولا يجري فيه خلاف الركوب في الطواف .
قاله في المجموع ، لكن نقل عن النص كراهته ، ويؤيدها ما في ذلك من الخروج من خلاف من منعه إلا أن يقال إنه خلاف سنة صحيحة وهي ركوبه صلى الله عليه وسلم في بعضه وسعي غيره بلا عذر لصغر أو مرض خلاف الأولى ، والمروة : أفضل من الصفا كما قاله ابن عبد السلام ; لأنها مرور الساعي في سعيه أربع [ ص: 292 ] مرات والصفا مروره فيه ثلاثا فإنه أول ما يبدأ باستقبال المروة ثم يختم به ، وما أمر الله بمباشرته في القربة أكثر فهو أفضل ، وبداءته بالصفا وسيلة إلى استقبال المروة ، قال : والطواف أفضل أركان الحج حتى الوقوف ا هـ . وهو المعتمد وإن نظر فيه الزركشي بأن أفضلها الوقوف لخبر { عرفة } ولهذا لا يفوت الحج إلا بفواته ، ولم يرد غفران في شيء ما ورد في الوقوف ، فالصواب القطع بأنه أفضل الأركان ، فقد صرح الأصحاب بأن الطواف قربة في نفسه وجمله الشارع بمنزلة الصلاة التي هي أعظم عبادات البدن بعد الإيمان بخلاف الوقوف ، وقد يقال بأن الطواف أفضل من حيث ذاته ; لأنه مشبه بالصلاة وقربة مستقلة ، والوقوف أفضل من حيث كونه ركنا للحج لفواته به وتوقف صحته عليه واختصاصه به ، ويحمل كلام الحج ابن عبد السلام على الأول والزركشي على الثاني ، وما نظر به في أول كلامه أيضا بأن الصفا قدمت في القرآن والأصل فيما قدم فيه أنه للاهتمام به المشعر بشرفه إلا أن يقوم دليل على خلافه وبأن ما ذكره ليس ظاهرا في الدلالة لما قاله ، بل قد يدل على ما قلناه بأن يقال : ما أمر الشرع بمباشرته بالعبادة قبل نظيره وعدم الاعتداد بمباشرة نظيره قبله يكون أفضل ; لأنه الأصل وغيره تابع له والضرورة قاضية بتفضيل المتبوع ، وقد بان بما ذكرته أن الصفا هي الأصل ، إذ لا يعتد بالمروة قبلها فتكون تابعة لها صحة ووجوبا فكانت الصفا أفضل ، ودعوى أنها وسيلة ممنوعة إذ لا يصدق عليها حدها كما لا يخفى ، يرد بأن البداءة بالصفا لبيان الترتيب وضرورته فلا إشعار في تقديمها بأفضليتها ، وبأن البداءة بالشيء لا تستلزم أفضلية المبدإ على الآخر كصوم رمضان آخره أفضل من أوله .