الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى وإذا ادعى الرجل على الرجل دما أو جراحا دون الدم عمدا أو خطأ فسواء ، وعليه البينة فإن جاء بها قضي له فإن لم يأت بها ، ولا بما يوجب القسامة في الدم دون الجراح أحلف المدعى عليه فإن حلف بريء ، وإن نكل عن اليمين لم ألزمه بالنكول شيئا حتى يحلف المدعي فإن حلف ألزمت المدعى عليه جميع ما ادعى عليه .

( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى وأيمان الدماء مخالفة جميع الأيمان الدم لا يبرأ منه إلا بخمسين يمينا ، وما سواه يستحق ، ويبرأ منه بيمين واحدة إلا اللعان فإنه بأربعة أيمان ، والخامسة التعانه ، وسواء النفس ، والجرح في هذا يقبله بالذي نقصه به من نكوله عن اليمين ، ويمين صاحبه المدعى عليه .

( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى وخالفنا بعض الناس رحمة الله عليه في هذا فزعم أن كل من ادعى جرحا أو فقأ عينين أو قطع يدين ، وما دون النفس أحلف المدعى عليه فإن نكل اقتص منه ففقأ عينيه ، وقطع يديه ، واقتص منه فيما دون النفس ، وهكذا كل دعوى عنده سواء ، وزعم أن في قول النبي صلى الله عليه وسلم { واليمين على المدعى عليه } دليل على أنه إذا حلف بريء فإن نكل لزمته الدعوى ثم عاد لما احتج به من قول النبي صلى الله عليه وسلم فنقضه في النفس فقال إن ادعى عليه قتل النفس فنكل عن اليمين استعظمت أن أقتله ، وحبسته حتى يقر فأقتله أو يحلف فأبرئه قال مثل هذا في المرأة يلتعن زوجها وتنكل .

( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى ولا أعلمه إلا خالف في هذا ما زعم أنه موجود في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم نحقه ، ولم نبطله كان ينبغي إذا فرق بين النفس ، وما دونها من الجراح أن يقول لا أحبسه إذا نكل عن اليمين ، ولا أجعل عليه شيئا إذا كان لا يرى النكول حكما ، وهو على الابتداء لا يحبس المدعى عليه إلا ببينة فإن كان للنكول عنده حكم فقد خالفه لأن النكول عنده يلزمه ما نكل عنه ، وإن لم يكن للنكول حكم في النفس فقد ظلمه بحبسه في قوله لأن أحدا لا يحبس أبدا بدعوى صاحبه ، وخالفه صاحبه ، وفر من قوله فأحدث قولا ثانيا محالا كقول صاحبه فقال ما عليه حبس ، وما ينبغي أن يرسل ، واستعظم الدم ، ولكن أجعل عليه الدية فجعل عليه دية في العمد ، وهو لا يجعل في العمد دية أبدا ، وخالف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في أنه يخير ولي الدم في القصاص أو الدية ثم يقول ليس فيه إلا القصاص إلا أن يصطلحا فأخذ لولي الدم ما لا يدعي ، وأخذ من المدعى عليه ما لا يقر به ، وأحدث لهما من نفسه حكما محالا لا خبرا ، ولا قياسا ، وإذا كان يأخذ دماء الناس في موضع بشاهدين حتى يقتل النفس ، وأكثر ما نأخذ به موضحة من شاهدين أو إقرار فما فرق بين الدم والموضحة ، وما هو أصغر منها

التالي السابق


الخدمات العلمية