الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                12379 ( أخبرنا ) أبو محمد عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار السكري ببغداد ، أنا إسماعيل بن محمد الصفار ، ثنا أحمد بن منصور الرمادي ، ثنا عبد الرزاق ، أنا معمر ، عن الزهري ، عن مالك بن أوس بن الحدثان قال : جاءني رسول عمر - رضي الله عنه - فأتيته ، فقال : إنه قد حضر في المدينة أهل أبيات من قومك ، وقد أمرنا لهم برضخ فخذه فاقسمه ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، مر به غيري ، قال : اقبضه أيها المرء ، قال : فبينا أنا على ذلك ، دخل عليه مولاه يرفأ ، فقال : هذا عثمان وعبد الرحمن والزبير وسعد ، ولا أدري أذكر طلحة أم لا ؟ يستأذنون عليك ، قال : ائذن لهم ، ثم مكث ساعة فقال : هذا العباس وعلي - رضي الله عنهما - يستأذنان عليك ، قال : فأذن لهما فدخلا ، قال : فقال العباس : يا أمير المؤمنين ، اقض بيني وبين هذا . قال : فقال القوم : اقض بينهما ، وأرح كل واحد منهما من صاحبه ، فإنهما قد طالت خصومتهما ، قال : وهما حينئذ يختصمان فيما أفاء الله على رسول الله من أموال بني النضير ، قال القوم : أجل اقض بينهما ، وأرح كل واحد منهما من صاحبه ، قال : فقال عمر - رضي الله عنه - : أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السموات والأرض ، أتعلمون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لا نورث ، ما تركنا صدقة . فقال القوم : نعم ، قد قال ذلك ، ثم أقبل عليهما ، فقالا مثل ذلك ، فقال عمر - رضي الله عنه - : إني سأخبركم عن هذا المال ، إن الله عز وجل خص نبيه - صلى الله عليه وسلم - بشيء لم يعطه غيره قال : ( ما أفاء الله على رسوله منهم ) الآية . ثم قال : والله ما حازها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دونكم ، ولا استأثرها عليكم ، لقد قسمها فيكم ، وبثها فيكم ، حتى بقي هذا المال ، وكان ينفق على أهله منه سنته ، وربما قال معمر : يحبس قوت أهله منه سنة ، ثم يجعل ما بقي منه مجعل مال الله عز وجل ، فلما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال أبو بكر : أنا ولي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعمل فيها بما كان يعمل ، ثم أقبل على علي والعباس - رضي الله عنهما - ثم قال : وأنتما تزعمان أنه فيها ظالم ، والله يعلم أنه فيها صادق بار تابع للحق ، ثم وليتها بعد أبي بكر - رضي الله عنه - سنتين من إمارتي ، ففعلت فيها بما عمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر ، وأنتما تزعمان أني فيها ظالم ، والله يعلم أني فيها صادق بار تابع للحق ، ثم جئتماني ، جاءني هذا - يعني العباس - رضي الله عنه - يسألني ميراثه من ابن أخيه ، وجاءني هذا - يريد عليا - رضي الله عنه - يسألني ميراث امرأته من أبيها ، فقلت لكما : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لا نورث : ما تركناه صدقة . ثم بدا لي أن أدفعها إليكم ، فأخذت عليكما عهد الله وميثاقه ، أن تعملا فيها بما عمل فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر بعده وأياما وليتها فقلتما : ادفعها إلينا على ذلك ، فتريدان مني قضاء غير هذا ، والذي بإذنه تقوم السماء والأرض ، لا أقضي بينكما فيها بقضاء غير هذا ، إن كنتما عجزتما عنها فادفعاها إلي ، قال : فغلبه علي - رضي الله عنه - عليها فكانت بيد علي - رضي الله عنه - ثم بيد حسن ، ثم بيد حسين ، ثم بيد علي بن الحسين ، ثم بيد حسن بن حسن ، ثم بيد زيد بن حسن . قال معمر : ثم كانت بيد عبد الله بن حسن ، حتى ولي - يعني بني العباس - فقبضوها . رواه مسلم في الصحيح عن إسحاق بن إبراهيم وغيره عن عبد الرزاق .

                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                الخدمات العلمية