الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                12671 ( وفيما أجاز لي ) أبو عبد الله الحافظ روايته عنه أن أبا العباس محمد بن يعقوب حدثهم ، أنا الربيع بن سليمان ، أنا الشافعي ، أنا غير واحد من أهل العلم أنه لما قدم على عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ما أصيب من العراق ، قال له صاحب بيت المال : أنا أدخله بيت المال ، قال : لا ورب الكعبة ، لا يؤوى تحت سقف بيت حتى أقسمه ، فأمر به فوضع في المسجد ، ووضعت عليه الأنطاع ، وحرسه رجال من المهاجرين والأنصار ، فلما أصبح غدا معه العباس بن عبد المطلب وعبد الرحمن بن عوف آخذ بيد أحدهما ، أو أحدهما آخذ بيده ، فلما رأوه كشطوا الأنطاع عن الأموال ، فرأى منظرا لم ير مثله ، رأى الذهب فيه والياقوت والزبرجد واللؤلؤ يتلألأ ، فبكى ، فقال له أحدهما : إنه والله ما هو بيوم بكاء ، ولكنه يوم شكر وسرور ، فقال : إني والله ما ذهبت حيث ذهبت ، ولكنه والله ما كثر هذا في قوم قط إلا وقع بأسهم بينهم ، ثم أقبل على القبلة ، ورفع يديه إلى السماء ، وقال : اللهم إني أعوذ بك أن أكون مستدرجا ؛ فإني أسمعك تقول ( سنستدرجهم من حيث لا يعلمون ) ثم قال : أين سراقة بن جعشم ، فأتي به أشعر الذراعين دقيقهما ، فأعطاه سواري كسرى ، فقال : البسهما ، ففعل فقال : قل : الله أكبر ، قال : الله أكبر ، قال : قل : الحمد لله الذي سلبهما من كسرى بن هرمز ، وألبسهما سراقة بن جعشم أعرابيا من بني مدلج ، وجعل يقلب بعض ذلك بعضا ، فقال : إن الذي أدى هذا لأمين ، فقال له رجل : أنا أخبرك أنت أمين الله ، وهم يؤدون إليك ما أديت إلى الله ، فإذا رتعت رتعوا ، قال : صدقت ، ثم فرقه .

                                                                                                                                                ( قال الشافعي ) : وإنما ألبسهما سراقة ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لسراقة ، ونظر إلى ذراعيه : كأني بك قد لبست سواري كسرى . قال : ولم يجعل له إلا سوارين . ( قال الشافعي ) : أخبرنا الثقة من أهل المدينة قال : أنفق عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - على أهل الرمادة حتى وقع مطر ، فترحلوا فخرج إليهم عمر - رضي الله عنه - راكبا فرسا ، ينظر إليهم وهم يترحلون بظعائنهم [ ص: 358 ] فدمعت عيناه ، فقال رجل من بني محارب بن خصفة : أشهد أنها انحسرت عنك ، ولست بابن أمة ، فقال له عمر - رضي الله عنه - : ويلك ، ذلك لو كنت أنفقت عليهم من مالي ، أو مال الخطاب ، إنما أنفقت عليهم من مال الله عز وجل .

                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                الخدمات العلمية