لنا : أن آيات المواريث اقتضت فروضا مقدرة ، فلو قلنا بالرد لبطلت حكمة التقدير ، ولأن مفهوم قوله تعالى : فلها النصف أي لا يكون لها غيره ، وكذلك بقية الفروض ، ولأن الإسلام يوجب حقا والقرابة توجب حقا ، والقول بالرد يبطل حق الإسلام لعدم توريث بيت المال ، وعدم الرد جمع بين الحقين .
احتجوا بقوله تعالى : وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ، فيجمع بين الاثنين بآية الفروض على أصل المال وهذه على ما فضل ، وهو أولى من الترادف ولأنه قول جمهور الصحابة ، ولأنه يعارض في الباقي ذوو الفروض [ ص: 55 ] والمسلمون ، وذوو الفروض أرجح إجماعا من حيث الجملة فيقدمون ، ولأن ذوي الفروض لما نقصوا بالعول حيث النقص وجب أن يزادوا بالرد حيث الزيادة لتجبر إحدى الحالتين الأخرى .
والجواب عن الأول : قد تقدم في توريث ذوي الأرحام أن الآية تدل عليهم وسلمنا دلالتها لكن طريق الجمع أن قوله تعالى : أولو مطلق لا عموم فيه فيحمل على البر والصلة والمعاضدة ونحوه فيحصل الجمع .
والجواب عن الثاني : أن قول الصحابة يعارض بعضه ببعض .
والجواب عن الثالث : سلمنا رجحان ذوي الفروض لكن اعتبر رجحانهم في استحقاق الفروض ، وإذا وفي بمقتضاه سقط اعتباره .
والجواب عن الرابع : أن العول ثبت لمزاحمة من أجمعنا على توريثه فلولا العول بطل حقه فهو موطن ضرورة وهذه العلة تقتضي عدم الرد لإبطاله توريث بيت المال ، فانعكس عليكم القول ، فهو لنا لا لكم .
وإذا فرعنا على قول ( ح ) فالمسائل أربعة أقسام .
أحدها : أن يكون في المسألة جنس واحد من يرد عليه عند عدم من لا يرد عليه فالمسألة من رءوسهم ، كما إذا ترك ابنتين أو أختين أو جدتين ، واجعل المسألة من اثنين .
وثانيهما : أن يكون في المسألة جنسان أو ثلاثة ممن يرد عليه عند عدم من لا يرد عليه فاجعل المسألة من سهامهم أعني من اثنين إن كانا سدسين ، أو ثلاثة إن كان ثلث وسدس ، أو من أربعة إن كان نصف وسدس ، أو خمسة إن كان ثلثان وسدس أو سدسان ونصف ، أو نصف وثلث .
وثالثهما : أن يكون مع الأول من لا يرد عليه فأعط فرض من لا يرد عليه من مخارجه ، فإن استقام الباقي على رءوس من يرد عليه كزوج وثلاث بنات فذلك ، وإلا فاضرب وفق رءوسهم في مخرج فرض من لا يرد عليه ، فما خرج فمنه تصح كزوج وست بنات ، أصل من لا يرد عليه من أربعة ، للزوج سهم ، [ ص: 56 ] يبقى ثلاثة لا تنقسم عليهن ، لكن بين الباقي ورءوسهم موافقة بالثلث ، فترد رءوسهم للثلث وتضربه في مخرج فرض من لا يرد عليه يخرج ثمانية ، كان للزوج من أصل المسألة سهم مضروب في اثنين باثنين ، ولهن ثلاثة مضروبة في اثنين بستة تنقسم عليهن ، وإن لم يكن وفق ضربت عدد رءوسهم في مخرج فرض من لا يرد عليه كزوج وخمس بنات فيتحصل من الضرب عشرون ومنه تصح ، ومن له شيء من أصل المسألة أخذه مضروبا في خمسة .
ورابعها : أن يكون مع الثاني من لا يرد عليه ( فاقسم ما بقي من مخرج فرض من لا يرد عليه ) على مسألة من يرد عليه ، فإن استقام فذلك كزوج وأربع جدات وست أخوات لأم ، فإن لم ينقسم فاضرب جميع مسألة من يرد عليه في مخرج فرض من لا يرد عليه فالمبلغ مخرج فرض الفريقين كأربع جدات وتسع بنات وست أخوات ، ثم اضرب سهام من لا يرد عليه في مسألة من يرد عليه ، وسهام من يرد عليه فيما بقي من مخرج من لا يرد عليه ، وإن انكسر على البعض صحح المسألة بالأصول المذكورة .
المسألة الثالثة
قال ابن يونس : مسألة خالف فيها ابن عباس عليا وزيدا وافقهما فيها ، وكل مسألة خالف فيها ابن مسعود ابن مسعود عليا وزيدا وافقهما فيها ، هذا في مسائل الصلب ، ابن عباس عن الصحابة - رضوان الله عليهم أجمعين - بخمس مسائل ابن عباس ، هي : الغراوين ، وهما وانفرد ، فأعطى الأم ثلث جميع المال ، وقال الصحابة وعامة الفقهاء بثلث ما بقي ، ولم يقل بالعول وأدخل النقص على البنات وبنات الابن والأخوات الأشقاء أو لأب ، وافقه جماعة من التابعين ، ولم يجعل الأخوات عصبة للبنات وخالفه جميع الفقهاء ولم يحجب الأم بدون الثلاثة من الإخوة خلافا للفقهاء ، وانفرد زوج وأبوان ، وزوجة وأبوان بخمسة : حجب الزوج والزوجة والأم بالكفار دون العبيد والقاتلين . ابن مسعود
[ ص: 57 ] وأسقط الأخوات بالولد المشرك والولد المملوك ، وعنه لم يسقطهن وأسقط الجدة بالأم المشركة والمملوكة ، وعنه عدم إسقاطها ، وإذا استكمل البنات الثلثين جعل الباقي لبني البنين دون أخواتهم ، وإذا استكمل الأخوات الشقائق الثلثين جعل الباقي للإخوة للأب دون أخواتهم ، وبقية الصحابة يجعلونه للذكر مثل حظ الأنثيين وكان يقول في للبنت النصف ولبنات الابن الأضر بهن من المقاسمة أو السدس ، ويجعل الباقي لبني الابن ، وكذلك بنت وبنات ابن وبني ابن ، للأخوات للأب الأضر بهن من المقاسمة أو السدس ، والباقي للإخوة ، وكذلك إن كان مع البنت أو الأخت ذو فرض ، وسائر الصحابة يقولون للذكر مثل حظ الأنثيين فسنردها مسألة ونخص هذه بالمسألة الأولى . أخت شقيقة وأخوات وإخوة لأب
لنا في أنهما ذكر وأنثى اجتمعا في رتبة واحدة فيكون للذكر مثل حظ الأنثيين ، كما إذا كان ابنا وبنتا أو أخا وأختا ، وبالقياس عليهما إذا انفردا ، ولا يصح هذا إلا بثلث ما بقي ، احتج بقوله تعالى : الغراوين فلأمه الثلث وجوابه أنه محمول على ما إذا كان للأب الثلثان أو لا يكون أب فلا يبخس الأب ، أما إذا كان فلم يتعرض له النص فعيناه بالقواعد .