الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                [ ص: 212 ] النوع الثالث : الإقرار الدوري

                                                                                                                وأنا أذكر منه مسائل ثلاثا في كل منها دور

                                                                                                                الأولى : ادعى على رجلين مالا ، فقال كل واحد منهما : له علي عشرة إلا نصف ماله على صاحبي ، فمتى أسقطنا عن المقر الأول شيئا من العشرة نقص ما نسقطه عن المقر الثاني ، وإذا نقص ما نسقطه عن المقر الثاني زاد ما سقط عن الأول بقدر ما يسقط عن الثاني .

                                                                                                                وطريق الجبر يجعل على كل واحد منهما عشرة إلا شيئا ، ثم تأخذ نصف أحد المبلغين ، فإن كل واحد منهما قال : إلا نصف ما على الثاني ، فنصف أحد المبلغين خمسة دراهم إلا نصف شيء ، وذلك يعدل الشيء الناقص من العشرة ، وقد قلنا في وضع المسألة : على كل واحد منهما عشرة إلا شيئا ، ثم استرجعنا بعد هذا الوضع النصف مما على كل واحد منهما ، فتحقق أن الشيء الذي استثنيناه خمسة إلا نصف شيء ، فنعود إلى المعادلة ، فنقول : خمسة إلا نصف شيء يعدل شيئا ، فتجبر ، وتقابل ، وتزيد على خمسة إلا نصف شيء نصف شيء ، وتزيد على عديله مثله ، فتكون خمسة معادلة لشيء ونصف ، فالشيء ثلثا الخمسة ، وهو ثلاثة وثلث ، فتسقط من العشرة ثلاثة وثلث يبقى منها ستة وثلثان ، وهي مقدار ما على كل واحد منهما ، فعلى كل واحد عشرة إلا نصف ما على صاحبه .

                                                                                                                فإن قال : إلا ثلث ما على صاحبي ، فاجعل على كل واحد عشرة إلا شيئا ، ثم تأخذ ثلث ما على كل واحد منهما ، وذلك ثلاثة وثلث إلا ثلث شيء ، وهو يعدل الشيء الذي أسقطناه من العشرة ، فتجبر الثلاثة والثلث بثلث شيء ، وتزيد على عديله مثله ، فيصير ثلاثة وثلثا في معادلة شيء وثلث ، فالشيء ثلاثة أرباع ذلك وهو درهمان ونصف ، وتسقط ذلك المقدار من العشرة في حقهما ، فيبقى على كل واحد سبعة ونصف .

                                                                                                                فإن قال أحدهما : له علي عشرة إلا نصف ما على الآخر ، وقال الآخر : إلا ثلث ما على الآخر ، فاجعل على أحدهما ثلاثة أشياء لذكر الثلث ، وعلى الآخر عشرة [ ص: 213 ] الأشياء ، وخذ نصف ذلك ، وهو خمسة إلا نصف شيء ردها على الآخر ، وهو ثلاثة أشياء ، فتكون خمسة دراهم ، وشيئين ونصفا ، فإنه كان ثلاثة أشياء فالخمسة المضمومة فيها استثناء نصف شيء ، فتزيل الاستثناء ، وتسقط نصفا ، وهذه الجملة تعدل عشرة دراهم ، فتسقط الخمسة بالخمسة ، فيبقى شيئان ونصف في مقابلة خمسة ، فيخرج : قيمة الشيء درهمان ، الذي قدرناه على أحدهما ثلاثة أشياء ، فهي ستة ، وكان على الآخر عشرة إلا شيئا فذلك ثمانية ، ومتى زيد ثلث الستة على الثمانية صارت عشرة ، ومتى زيد نصف الثمانية على الستة صارت عشرة .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية