تمهيد : قال ابن يونس : لا يحتاج لعمل المناسخة لأنك تقسمه على فريضة الأول فتعلم ما يقع منه للميت الثاني فتقسمه أيضا على فريضته ، وأما الدور والعروض والحيوان المختلف قيمتها فهو المحتاج للعمل ، وإذا قسمت وفرغت وجمعته فإن كان مثل ما صحت منه المسألتان فعملك صحيح وإلا فلا . إن كان مال الأول عينا أو مكيلا أو موزونا
قال غيره : إن كان ورثة الأول ورثة من بعده صح الحساب من مسألة الأخير كأنه لم يخلف كل منهم غيرهم ، كعشرة إخوة يموتون متتابعين فيخلف الآخر أخوين فالمال بينهما ، وإن ورث المتأخر من غير من ورث المتقدم أو الميراث منع على غير نسبة الميراث من المتقدم ، فإن صحت مسألة المتأخر من سهامه من الميت الأول فقد صحت أيضا من الأول ، كزوج وأم وأخت مات الزوج وخلف ابنا وبنتا ، وسهامه ثلاثة منقسمة على ورثته ، وإن لم يصح من سهامه ولم يكن بين سهامه ومسألته موافقة ، ضربت ما تصح منه المسألة الثانية فيما تصح منه الأولى ومنه تصح المسألتان ، وكذلك الثالث والرابع وغيرهما ، وإن كان بينهما موافقة رد مسألة المتأخر إلى وفقها وتضرب الوفق في مسألة المتقدم ، ومنه يصح الحساب ، وكل من له من مسألة الميت المتأخر شيء أخذه مضروبا في نصف نصيب مورثه عن المتقدم إن ضرب في النصف أو الثلث أو غير ذلك ، كزوجة وأم وثلاث أخوات مفترقات ، تصح من اثني عشر وتعول إلى خمسة عشر ، ماتت الزوجة عن زوج وعم وبنتين هما أختان من الأخوات الثلاث في المسألة الأولى ، ومسألتها تصح من اثني عشر ، وسهامها من الأولى ثلاثة ، وبينهما موافقة ، وسيأتي إن شاء الله تعالى في حساب الجبر والمقابلة بيان قاعدة ترجع إليها المناسخات وحساب الفرائض فتطالع من هناك ويستعان بها على هذا الباب وهي قاعدة الأعداد المتناسبة .
[ ص: 127 ] مسألة تعرف بالمأمونية
دخل على يحيى بن أكثم ، فقال له : أبوان وابنتان ، ماتت إحدى البنتين ، كيف القسمة بينهم ؟ فقال أمير المؤمنين : الميت الأول ذكر أم أنثى ؟ فأعجبه ذلك وولاه المأمون البصرة ، ووجهه أن الميت الأول إن كان ذكرا يكون موت البنت عن أختها وجدها أبي أبيها وجدتها فيرث الجد بالمقاسمة مع الأخت ، فإذا كان أنثى كان الجد أبو الأم لا يرث فيكون للأخت النصف ، وفي الأول يرث بالتعصيب مع الجد ، وزاد بعض العلماء تفصيلا آخر وهو أن الأختين إن كانتا شقيقتين أو لأب فكما تقدم ، وإن كان الميت الأول أنثى أمكن أن تكون الأختان من أبوين فتكون الأخت الباقية أختا لأم يسقطها الجد للأب ولا يقاسمها ، ويكون لها مع الجد للأم السدس ، لأن من لا يرث لا يحجب ، لكن هذا التفصيل لا يلزم يحيى ، لأنه لم يجب عن التفصيل الأول حتى ينتقل للثاني ، ولما قدم البصرة استصغروه لصغره وكان سنه ثمانية عشر ، فقال له بعض القوم : كم سن القاضي ؟ قال : سن عتاب بن أسيد لما ولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم القضاء بمكة ، فعلموا من هذا الجواب أنه من العلماء الحفاظ فأعظموه بعد ذلك .