الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 346 ]

280 . ومبهم التعديل ليس يكتفي به الخطيب والفقيه ( الصيرفي )      281 . وقيل : يكفي ، نحو أن يقالا :
حدثني الثقة ، بل لو قالا :      282 . جميع أشياخي ثقات لو لم
أسم ، لا يقبل من قد أبهم      283 . وبعض من حقق لم يرده
من عالم في حق من قلده

التالي السابق


التعديل على الإبهام من غير تسمية المعدل ، كما إذا قال : حدثني الثقة ، ونحو ذلك ، من غير أن يسميه; لا يكتفى به في التوثيق ، كما ذكره الخطيب أبو بكر ، والفقيه أبو بكر الصيرفي ، وأبو نصر بن الصباغ من الشافعية ، وغيرهم . وحكى ابن الصباغ في ( العدة ) عن أبي حنيفة أنه يقبل ، وهو ماش على قول من يحتج بالمرسل ، وأولى بالقبول . والصحيح الأول; لأنه وإن كان ثقة عنده ، فربما لو سماه لكان ممن جرحه غيره بجرح قادح . بل إضرابه عن تسميته ريبة توقع ترددا في القلب . بل زاد الخطيب على هذا بأنه لو صرح بأن جميع شيوخه ثقات ، ثم روى عمن لم يسمه ، أنا لا نعمل بتزكيته له . قال الخطيب في “ الكفاية “ : "إذا قال العالم كل من رويت عنه فهو ثقة ، وإن لم أسمه . ثم روى عمن لم يسمه ، فإنه يكون مزكيا له . غير أنا لا نعمل على تزكيته; لجواز أن نعرفه إذا ذكره بخلاف العدالة" . نعم ، إذا قال العالم : كل من أروي لكم عنه وأسميه فهو عدل مرضي مقبول الحديث كان هذا القول [ ص: 347 ] تعديلا لكل من روى عنه وسماه . هكذا جزم به الخطيب ، قال : وكان ممن سلك هذه الطريقة عبد الرحمن بن مهدي . زاد البيهقي مع ابن مهدي مالك بن أنس ، ويحيى بن سعيد القطان . قال : وقد يوجد في رواية بعضهم الرواية عن بعض الضعفاء لخفاء حاله عليه ، كرواية مالك ، عن عبد الكريم بن أبي المخارق .

وفي التعديل على الإبهام قولان آخران :

أحدهما : أنه يقبل مطلقا ، كما لو عينه; لأنه مأمون في الحالتين معا .

القول الثاني : وهو ما حكاه ابن الصلاح عن اختيار بعض المحققين أنه إن كان القائل لذلك عالما أجزأ ذلك في حق من يوافقه في مذهبه كقول مالك : أخبرني الثقة ، وكقول الشافعي ذلك أيضا في مواضع . وعليه يدل كلام ابن الصباغ في العدة ، فإنه قال : إن الشافعي لم يورد ذلك احتجاجا بالخبر على غيره ، وإنما ذكر لأصحابه قيام الحجة عنده على الحكم . وقد عرف هو من روى عنه [ ص: 348 ] ذلك . وقد بين بعض العلماء بعض ما أبهما من ذلك باعتبار شيوخهما . فحيث قال مالك : عن الثقة -عنده- عن بكير بن عبد الله بن الأشج . فالثقة مخرمة بن بكير . وحيث قال : عن الثقة ، عن عمرو بن شعيب ، فقيل : الثقة عبد الله بن وهب ، وقيل : الزهري . ذكر ذلك أبو عمر بن عبد البر . وقال أبو الحسن محمد بن الحسين بن إبراهيم الأثري السجستاني في كتاب فضائل الشافعي : سمعت بعض أهل المعرفة بالحديث يقول : إذا قال الشافعي في كتبه : أخبرنا الثقة ، عن ابن أبي ذئب ، فهو ابن أبي فديك . وإذا قال : أخبرنا الثقة ، عن الليث بن سعد ، فهو يحيى بن حسان . وإذا قال : أخبرنا الثقة ، عن الوليد بن كثير فهو أبو أسامة . وإذا قال : أخبرنا الثقة ، [ ص: 349 ] عن الأوزاعي ، فهو عمرو بن أبي سلمة . وإذا قال : أخبرنا الثقة ، عن ابن جريج ، فهو مسلم بن خالد . وإذا قال : أخبرنا الثقة ، عن صالح مولى التوأمة ، فهو إبراهيم بن أبي يحيى .




الخدمات العلمية