الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإن كان أقام المضارب البينة أنه شرط له ربح مائة درهم ، وأقام رب المال البينة أنه شرط له نصف الربح فالبينة بينة المضارب ; لأن البينتين استوتا في إثبات الشرط فرجحت بينة المضارب ; لأنها تثبت دينا مضمونا في ذمة رب المال ; ولأن المضارب هو المحتاج إلى البينة ، وذكر نظير هذه المسألة في المزارعة أن رب الأرض والبذر إذا قال للعامل : شرطت لك نصف الخارج ، وقال العامل : شرطت لي مائة أقفزة من الخارج ، ولم يحصل الخارج وأقاما البينة فالبينة بينة رب الأرض والبذر ، وأكثر مشايخنا - رحمهم الله - قالوا : جوابه في كل واحد من الفصلين جواب في الفصل الآخر ، وفي المسألتين روايتان : وجه هذه الرواية ما ذكرنا ، ووجه رواية المزارعة : أن رب المال يثبت صحة العقد فترجح بينته ; لذلك ، وأصح الجوابين ما ذكر هنا .

قال الشيخ الإمام الأجل - رحمه الله - : والأصح عندي الفرق بين المضاربة والمزارعة ; لأن عقد المزارعة يتعلق بها اللزوم .

( ألا ترى ) [ ص: 91 ] أنه ليس للعامل أن يمتنع من إقامة العمل فترجح فيه البينة المثبتة لصحة العقد لما فيها من الإلزام ، وأما المضاربة فلا تكون لازمة ، فإن للمضارب أن يمتنع من العمل ويفسخ العقد متى شاء فترجح هنا البينة التي فيها إلزام وهي المثبتة للدين في ذمة رب المال .

التالي السابق


الخدمات العلمية