الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولو رأى عبده يبيع في حانوته متاعه لغيره فلم ينهه كان مأذونا لسكوت المولى عن النهي بعد علمه بتصرفه ولكن لا يجوز ما باع من متاع المولى ; لأن جواز [ ص: 16 ] البيع في ذلك المتاع يعتمد التوكيل وذلك يحصل بالأمر في الابتداء ، والإجازة في الانتهاء ، والسكوت لا يكون أمرا ولا إجازة فلا يثبت به التوكيل ( ألا ترى ) أن فيما يبيع من متاع المولى بأمره إذا لحقه عهدة يرجع على المولى ، وأن الضرر يتحقق في حق المولى بزوال ملكه عن المتاع في الحال ; فلهذا لا يثبت ذلك بالسكوت بخلاف صيرورته مأذونا فإن ذلك يعتمد الرضى لا التوكيل حتى لا يرجع بما يلحقه من العهدة في سائر التصرفات على المولى ولا يتحقق الضرر في حق المولى بمجرد صيرورته مأذونا وكذلك عبد دفع إليه رجل متاعا ليبيعه فباعه بغير أمر المولى ، والمولى يراه يبيع ولا ينهاه فهو إذن من المولى له في التجارة ، والبيع في المتاع جائز بأمر صاحبه لا بسكوت المولى عن النهي حتى أن المولى وإن نهاه أو لم يره أصلا كان البيع جائزا ; لأنه وكيل صاحب المتاع في البيع إلا أن تأثر صيرورته مأذونا في هذا التصرف من حيث إن العهدة تكون على العبد ، ولو نهاه المولى أو لم يره كانت العهدة على صاحب المتاع ; لأن العبد المحجور لا يلزم العهدة في تصرفه لغيره وإذا تعذر إيجاب العهدة عليه تعلقت العهدة بأقرب الناس بعده من هذا التصرف وهو الأمر الذي انتفع بتصرف العبد له .

التالي السابق


الخدمات العلمية