الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا كان للصبي أو المعتوه أب أو وصي أو جد أبو الأب فرأى القاضي أن يأذن له في التجارة فأذن له وأبى ذلك أبوه أو وصيه فإذن القاضي له جائز لما بينا أن إذنه بمنزلة القضاء منه وولاية القضاء له في حال قيام الأب وبعد موته بصفة واحدة ولأنه متى كان النظر في الإذن فكذلك بما يحق على المولى أن يفعله فإذا امتنع منه كان للقاضي أن ينفذه كالولي إذا امتنع من تزويج المولى عليها من كفؤ زوجها القاضي إذا طلبت فإن حجر عليه أحد من هؤلاء فحجره باطل ; لأنه بهذا يريد أن يفسخ ما قضى القاضي عليه ولأن حجره عليه كإبائه في الابتداء وكما أن إباءه لا يمنع صحة إذن القاضي له فكذلك حجره عليه بعد الإذن وإن مات القاضي أو عزل ، ثم حجر عليه أحد من هؤلاء فحجره باطل ; لأن بعزل القاضي وبموته لا تزداد ولايتهم على الصبي فكما لا ينفذ حجرهم عليه قبل عزل القاضي فكذلك بعده وكذلك لو حجر عليه ذلك القاضي بعد - عزله ; لأنه بالعزل التحق بسائر

[ ص: 41 ] الرعايا فلم يبق له ولاية النظر في حقوق هذا الصبي ، وإنما الحجر عليه إلى القاضي الذي يستقضي بعد موت الأول أو عزله ; لأن ولايته عليه في النظر كولاية الأول ولا يقال الثاني بالحجر كيف ينقض قضاء الأول وهذا ; لأن الأول لو حجر عليه حال كونه قاضيا بعد حجره لا بطريق أنه نقض لقضائه بالإذن بل بطريق أنه أنشأ - نظرا له على ما بينا أن النظر قد يكون بالإذن له في وقت ، والحجر عليه في وقت آخر ، والثاني كالأول فيما يرجع إلى إنشاء النظر للصبي كما في سائر التصرفات في ماله .

التالي السابق


الخدمات العلمية