الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وفي الزيادات قال إذا قال الأب لقوم : بايعوا ابني ، والابن لا يعلم بذلك فإن أخبروه بمقالة الأب قبل أن يبايعوه نفذ تصرفهم معه ، وإن لم يخبروه لم ينفذ ، وفي الوكالة ذكر المسألة في الموضعين إذا قال اذهب فاشتر عبدي هذا من فلان قال في أحد الموضعين إن أعلمه بمقالة الموكل صح شراؤه منه ، وقال في الموضع الآخر ، وإن لم يعلمه ذلك ولكنه اشتراه منه جاز شراؤه فقيل في الفصول كلها روايتان في إحدى الروايتين الإذن في الابتداء كالإجازة في الانتهاء وإجازته كاملة في نفوذ التصرف سواء علم به من باشر التصرف أو لم يعلم وكذلك أمره بالتصرف في الابتداء ، وفي الرواية الأخرى قال هو ملزم في حق المتصرف ، والإلزام لا يثبت في حقه ما لم يعلم به ، وقيل إنما اختلف الجواب لاختلاف الموضوع ففي الزيادات وضع المسألة في الحر وليس للأب ولاية إلزام الدين في ذمة ابنه فما لم يعلم الابن بإذن الأب لا ينفذ التصرف في حقه وللولي ولاية شغل مالية عبده بدينه .

( ألا ترى ) أنه يرهنه بالدين فيصح ، والحاجة إلى الإذن ههنا لتعلق الدين بمالية الرقبة لا لثبوته في العبد فالدين بالمعاملة يجب في ذمته ، وإن كان محجورا عليه حتى يؤاخذ به بعد العتق ; ولهذا صح تصرف من أمره المولى بالمعاملة معه ، وإن لم يعلم العبد بمقالة المولى .

وقد قررنا تمام هذا في الزيادات فإن اشترى العبد بعد ذلك من غيرهم وباع فهو جائز ; لأن من ضرورة الحكم بنفوذ تصرفه مع الذين أمرهم المولى بمبايعته الحكم بأنه مأذون ، والإذن لا يقبل التخصيص فإذا ثبت في حق البعض ثبت في حق الكل ولو كان الذين أمرهم المولى أن يبايعوه لم يفعلوا وبايعه غيرهم وهم لا يعلمون بإذن المولى ، والعبد لا يعلم به أيضا كانت مبايعتهم إياه باطلة وهو محجور عليه على حاله ; لأن بمجرد مقالة المولى لا يصير العبد مأذونا قبل أن يعلم به ولكن ثبت حكم الإذن في حق الذين أمرهم بمبايعته ضمنا لتصرفهم معه للحاجة إلى دفع الضرر ، والغرور عنهم وما ثبت ضمنا لشيء لا يثبت قبله وثبوت حكم الإذن في حق سائر الناس كان لضرورة الحكم بنفوذ تصرفه مع الذين أمرهم المولى بمبايعته فلا يثبت ذلك قبل تصرفه معهم فإن بايعه بعد ذلك الذين أمرهم المولى ، ثم بايع العبد بعدهم قوما آخرين جازت مبايعته مع الذين أمرهم المولى بها ومع من بايعهم بعدهم ولم تصح المبايعة التي كانت قبل ذلك أما نفوذ مبايعته مع الدين أمرهم المولى بها فللحاجة إلى دفع الضرر ، والغرور عنهم ونفوذه من بعدهم فلأن الإذن لا يقبل التخصيص ولا يوجد ذلك في حق الذين كان عاملهم قبل ذلك وكان الإذن في [ ص: 31 ] حق الذين أمرهم ثبت حكمه مقصودا ، وفي حق غيرهم تبع ، والتبع يتبع الأصل ولا يسبقه .

التالي السابق


الخدمات العلمية