الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولو عقد رجل على أن غدا عنده من رمضان في يوم شك ثم بان له أنه من رمضان أجزأه " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا كما قال . إذا صح عنده أن غدا من رمضان ؛ لأنه رآه وحده ، والقاضي لا يسمع قوله والقاضي أخبره بما يثق به من أهله وعبيده فنوى صيام الغد ، والناس على شك ثم بان لهم أنه من رمضان فقد أجزأه صومه ، ولا إعادة عليه ؛ لأنه دخل في الصوم عن دلالة ، واستفتح العبادة بغلبة الظن لا بالشبهة ، ألا تراه لو سمع أذان الظهر ، فاستفتح الصلاة بغلبة الظن أجزأه ، وإن لم يعلم يقينا دخول الوقت أجزأه ، ولو استفتحها على شبهة وشك لم يجزه ، وإن صادف الوقت ، فكذا الصيام مثله في الموضعين ، فأما إذا علم أن غدا من رمضان بحساب النجوم ، ومنازل القمر فنوى الصوم ، ثم بان للناس أنه من رمضان ففيه لأصحابنا وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : يجزيه صومه ولا إعادة عليه ؛ لأنه استند إلى دلالة وقع له العلم بها .

                                                                                                                                            [ ص: 423 ] والوجه الثاني : لا يجزيه وعليه الإعادة ؛ لأن النجوم لا مدخل لها في العبادات وأحكام الشرع ألا ترى أن النجوم ليست بشرط في العلم بدخول الشهر .

                                                                                                                                            وفيه وجه ثالث : أنه إن علم ذلك من منازل القمر ، وتقدير شهره أجزأه ، وإن علمه بالنجوم لم يجزه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية