ذكر بخراسان ظهور المقنع
وفي هذه السنة قبل موت حميد بن قحطبة ، ظهر المقنع بخراسان ، وكان رجلا أعور ، قصيرا ، من أهل مرو ، ويسمى حكيما ، وكان اتخذ وجها من ذهب فجعله على وجهه لئلا يرى ، فسمي المقنع وادعى الألوهية ، ولم يظهر ذلك إلى جميع أصحابه .
وكان يقول : إن الله خلق آدم ، فتحول في صورته ، ثم في صورة نوح ، وهكذا هلم جرا إلى ، ثم تحول إلى أبي مسلم الخراساني هاشم ، وهاشم في دعواه ، هو المقنع ، ويقول بالتناسخ ، وتابعه خلق من ضلال الناس ، وكانوا يسجدون له من أي النواحي كانوا ، وكانوا يقولون في الحرب : يا هاشم أعنا .
واجتمع إليه خلق كثير ، وتحصنوا في قلعة بسنام ، وسنجردة ، وهي من رساتيق كش ، وظهرت المبيضة ببخارى والصغد معاونين له ، وأعانه كفار الأتراك ، وأغاروا على أموال المسلمين .
وكان يعتقد أن أبا مسلم أفضل من النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان ينكر قتل يحيى بن زيد ، وادعى أنه يقتل قاتليه .
واجتمعوا بكش ، وغلبوا على بعض قصورها ، وعلى قلعة نواكث ، وحاربهم أبو النعمان ، والجنيد ، وليث بن نصر ، مرة بعد مرة ، وقتلوا حسان بن تميم بن نصر بن سيار ، ومحمد بن نصر وغيرهما .
وأنفذ إليهم جبرائيل بن يحيى وأخاه يزيد ، فاشتغلوا بالمبيضة الذين كانوا ببخارى ، فقاتلوهم أربعة أشهر في مدينة بومجكث ، ونقبها عليهم ، فقتل منهم سبعمائة ، وقتل [ ص: 212 ] الحكم ، ولحق منهزموهم بالمقنع ، وتبعهم جبرائيل ، وحاربهم .
ثم سير المهدي أبا عون لمحاربة المقنع ، فلم يبالغ في قتاله ، واستعمل معاذ بن مسلم .