ذكر عصيان أهل ماردة وغزو الحكم بلاد الفرنج
في هذه السنة أهل ماردة الخلاف على ، أمير الحكم بن هشام الأندلس ، وعصوا عليه ، فسار بنفسه إليهم ، وقاتلهم ، ولم تزل سراياه وجيوشه تتردد وتقاتلهم هذه السنة ، وسنة خمس ، وسنة ست وتسعين ومائة . عاود
، وقصدوها بالغارة والقتل ، والنهب والسبي ، وكان وطمع الفرنج في ثغور المسلمين الحكم مشغولا بأهل ماردة ، فلم يتفرغ للفرنج ، فأتاه الخبر بشدة الأمر على أهل الثغر ، وما بلغ العدو منهم ، وسمع أن امرأة مسلمة أخذت سبية ، فنادت : واغوثاه يا [ ص: 409 ] حكم ! فعظم الأمر عليه ، وجمع عسكره واستعد وحشد وسار إلى بلد الفرنج سنة ست وتسعين ومائة ، وأثخن في بلادهم ، وافتتح عدة حصون ، وخرب البلاد ، ونهبها ، وقتل الرجال ، وسبى الحريم ، ونهب الأموال ، وقصد الناحية التي كانت بها تلك المرأة ، فأمر لهم من الأسرى بما يفادون به أسراهم ، وبالغ في الوصية في تخليص تلك المرأة ، فتخلصت من الأسر ، وقتل باقي الأسرى ، فلما فرغ من غزاته قال لأهل الثغور : هل أغاثكم الحكم ؟ فقالوا : نعم . ودعوا له ، وأثنوا عليه خيرا ، وعاد إلى قرطبة مظفرا .