وفي هذه السنة خرج سهم بن غالب الهجيمي على ابن عامر في سبعين رجلا ، منهم الخطيم الباهلي ، وهو يزيد بن مالك ، وإنما قيل له الخطيم لضربة ضربها على وجهه ، فنزلوا بين الجسرين والبصرة ، فمر بهم عبادة بن فرص الليثي من الغزو ومعه ابنه وابن أخيه ، فقال لهم الخوارج : من أنتم ؟ قالوا : قوم مسلمون . قالوا : كذبتم . قال عبادة : سبحان الله ! اقبلوا منا ما قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مني ، فإني كذبته وقاتلته ثم أتيته فأسلمت فقبل ذلك مني . قالوا : أنت كافر ، وقتلوه وقتلوا ابنه وابن أخيه . فخرج إليهم ابن عامر بنفسه وقاتلهم فقتل منهم عدة وانحاز بقيتهم إلى أجمة وفيهم سهم والخطيم ، فعرض عليهم ابن عامر الأمان فقبلوه ، فآمنهم ، فرجعوا ، فكتب إليه معاوية يأمر بقتلهم ، فكتب إليه ابن عامر : إني قد جعلت لهم ذمتك .
فلما أتى زياد البصرة سنة خمس وأربعين هرب سهم والخطيم فخرجا إلى الأهواز ، فاجتمع إلى سهم جماعة فأقبل بهم إلى البصرة ، ( فأخذ قوما ) ، فقالوا : نحن يهود ، فخلاهم ، وقتل سعدا مولى ، فلما وصل إلى قدامة بن مظعون البصرة تفرق عنه أصحابه ، فاختفى سهم ، وقيل : إنهم تفرقوا عند استخفائه ، فطلب الأمان وظن أنه يسوغ له عند زياد ما ساغ عند ابن عامر ، فلم يؤمنه زياد ، وبحث عنه ، فدل عليه ، فأخذه وقتله وصلبه في داره .
[ ص: 17 ] وقيل : لم يزل مستخفيا إلى أن مات زياد فأخذه فصلبه سنة أربع وخمسين ، وقيل : قبل ذلك ، فقال رجل من عبيد الله بن زياد الخوارج :
فإن تكن الأحزاب باءوا بصلبه فلا يبعدن الله سهم بن غالب
وأما الخطيم فإنه سأله عن قتله عبادة فأنكره فسيره إلى البحرين ثم أعاده بعد ذلك .