الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( وصدقت في ) دعوى الوطء في ( خلوة الاهتداء ) بيمين إن كانت كبيرة ، ولو سفيهة بكرا أو ثيبا إذا اتفقا على الخلوة وثبتت ، ولو بامرأتين فإن نكلت حلف الزوج ولزمه نصفه إن طلق ، وإن نكل غرم الجميع فإن كانت صغيرة حلف لرد دعواها وغرم النصف ووقف النصف الآخر لبلوغها فإن حلفت أخذته وإلا فلا ولا يمين ثانية عليه وبالغ على تصديقها في دعوى الوطء بقوله ( وإن ) كانت ملتبسة ( بمانع شرعي ) كحيض ونفاس وصوم ( و ) صدقت أيضا ( في ) دعوى ( نفيه ) أي الوطء ( وإن سفيهة ) وأمة وصغيرة بلا يمين ، إذ الموضوع أنه قد وافقها على ذلك بدليل قوله : وإن أقر به إلخ ( و ) صدق ( الزائر منهما ) في شأن الوطء إثباتا أو نفيا فإن زارته صدقت في وطئه ولا عبرة بإنكاره ; لأن العرف نشاطه في بيته ، وإن زارها صدق في نفيه ولا عبرة بدعواها الوطء ; لأن العرف عدم نشاطه في بيتها وليس المراد أن الزائر منهما يصدق مطلقا في الإثبات والنفي بل المراد ما علمت [ ص: 302 ] فإن كانا زائرين صدق الزوج في نفيه كما يرشد له التعليل ( وإن أقر به ) الزوج ( فقط أخذ ) بإقراره في الخلوتين اهتداء وزيارة أو لم تعلم بينهما خلوة ( إن كانت ) الزوجة ( سفيهة ) حرة أو أمة أو صغيرة مطيقة ( وهل إن أدام الإقرار ) بأنه وطئ تكون ( الرشيدة كذلك ) أي كالسفيهة فيؤخذ بإقراره كذبته أو سكتت لاحتمال أنه وطئها نائمة أو غيب عقلها بمغيب فإن لم يدمه بأن رجع عن إقراره أخذ به أيضا إن سكتت لا إن كذبته فيعمل برجوعه ويلزمه النصف فقط ففي مفهومه تفصيل فلا اعتراض عليه ( أو ) إنما يؤخذ بإقراره ( إن كذبت ) الرشيدة ( نفسها ) ورجعت لموافقته بأنه وطئها قبل رجوعه عن إقراره ( تأويلان ) أما إن كذبت نفسها بعد رجوعه عن إقراره فليس لها إلا النصف .

التالي السابق


( قوله : في خلوة الاهتداء ) من الهدء والسكون ; لأن كل واحد من الزوجين سكن للآخر واطمأن إليه وخلوة الاهتداء هي المعروفة عندهم بإرخاء الستور كان هناك إرخاء ستور أو غلق باب أو غيره وحاصله أن الزوج إذا اختلى بزوجته خلوة اهتداء أي خلا بينه وبينها ، ثم طلقها وتنازعا في المسيس فقال الزوج : ما أصبتها وقالت هي : بل أصابني فإنها تصدق في ذلك بيمين كانت بكرا أو ثيبا كان الزوج صالحا أم لا .

( قوله : فإن نكلت حلف الزوج ) أي وإن حلفت أخذت الصداق كاملا .

( قوله : وإن نكل غرم الجميع ) أي لأن الخلوة بمنزلة شاهد ونكوله بمنزلة شاهد آخر .

( قوله : حلف لرد دعواها ) فإن نكل غرم الجميع الصداق وليس له تحليفها إذا بلغت .

( قوله : فإن حلفت أخذته ) فلو ماتت قبل البلوغ ورث عنها وحلف وارثها ما كانت تحلفه كما جزم به خش وهو الموافق لقول المصنف في الشهادات كورثته قبله فتنظير عبق في ذلك قصور انظر بن .

( قوله : وإن بمانع شرعي ) مبالغة في تصديقها في دعوى الوطء عند حصول خلوة الاهتداء دفعا لتوهم عدم تصديقها في تلك الحالة ; لأن الشأن أن الرجل لا يقربها في تلك الحالة ، وإن كان عنده اشتياق جبلي إليها ولذا قيل : إنها لا تصدق في تلك الحالة إلا إذا كان الزوج يليق به ذلك .

( قوله : وإن سفيهة وأمة ) لو قال : ولو سفيهة وأمة لرد قول سحنون بعدم تصديقها كان أولى ا هـ بن .

( قوله : إذ الموضوع أنه قد وافقها ) إن قلت إذا وافقها الزوج على النفي فلا يخفى أن تصديقها لا يتوهم خلافه فلا حاجة للنص عليه قلت صرح به لأجل المبالغة التي هي قوله : وإن سفيهة وأمة .

( قوله : وصدق الزائر منهما ) أي للآخر بيمين كما في ح وحاصل ما ذكره الشارح أنه إن كان هو الزائر فإنه يصدق هو في دعواه عدم الوطء ، وإن كانت هي الزائرة صدقت في دعواها الوطء ، وأما إن كان زائرا وادعى الوطء وكذبته أو كانت زائرة وادعت عدم الوطء وكذبها فإنه يجري فيه قول المصنف ، وإن أقر به فقط إلخ [ ص: 302 ]

( قوله : فإن ) ( كانا زائرين ) أي لغيرهما واجتمعا في بيت ذلك الغير .

( قوله : فإن كانا زائرين صدق الزوج في نفيه ) أي فإن ادعى الوطء وكذبته فيجري فيه قوله : وإن أقر به فقط إلخ بقي ما لو اختليا في بيت أو فلاة من الأرض ليس به أحد وليس أحدهما زائرا فتصدق المرأة في دعواها الوطء ; لأن الرجل ينشط فيه .

( قوله : وإن أقر به فقط ) أي ثم طلقها أخذ بإقراره فيلزمه جميع الصداق .

( قوله : إن كانت الزوجة سفيهة ) أي سواء أدام الإقرار بأنه وطئها أم لا بدليل ما بعده ، ولو قال إن كانت محجورة لكان أولى ليشمل الأمة والصغيرة إلا أن يقال إنه أراد بالسفيهة مطلق المحجور عليها من باب عموم المجاز هذا وذكر ح أن المصنف جرى فيما ذكره من مؤاخذته بإقراره إن كانت الزوجة سفيهة على ما نقله في التوضيح عن ابن راشد وهو خلاف قول ابن عبد السلام في الصغيرة والأمة والسفيهة إن المشهور قبول قولها ا هـ قال بن قلت نقل أبو الحسن في أول إرخاء الستور عن اللخمي أنه عزا قبول قولها لعبد الملك وأصبغ وعدمه لمطرف وقال فيه ما نصه وهو أحسن إذا كانت خلوة بناء ا هـ فما جرى عليه المؤلف يوافق اختيار اللخمي .

( قوله : وهل إن أدام إلخ ) أي وهل الرشيدة كذلك إذا استمر الزوج على إقراره سواء كذبت نفسها أم لا أو يشترط تكذيب نفسها ورجوعها لموافقته والمسألة على طرفين وواسطة فإن رجع عن إقراره وكذبته أي وكانت تكذبه قبل رجوعه فلا يؤاخذ بإقراره بحيث يلزمه جميع الصداق باتفاق التأويلين ، وإن لم يرجع وكذبته أي استمرت على تكذيبه فهو محل التأويلين ، وإن كذبت نفسها ورجعت لدعواه وهو مديم لإقراره فيؤاخذ باتفاق التأويلين ونص المدونة ، وإن أقر بالوطء وأكذبته فلها أخذه بجميع الصداق بإقراره ا هـ أبو الحسن ظاهرها رجعت إلى قول الزوج أو أقامت على قولها وقال سحنون ليس لها أخذ جميع الصداق حتى تصدقه فحمله عبد الحق عن بعض شيوخه وابن رشد في المقدمات على الوفاق وغيرهما على الخلاف انظر بن إذا علمت هذا فقول المصنف وهل إن أدام الإقرار بأنه وطئ تكون الرشيدة كذلك أي بناء على أن بين المدونة وكلام سحنون خلافا وقوله : أو إن أكذبت نفسها أي على أن بينهما وفاقا فقوله : تأويلان أي بالخلاف والوفاق .

( قوله : فيؤخذ بإقراره ) أي وحينئذ يلزمه جميع الصداق إذا طلقها .

( قوله : كذبته أو سكتت ) فيه أن الموضوع أنه أقر به فقط وحينئذ فهي إما مكذبة له أو ساكتة فالأولى أن يقول كذبت نفسها ورجعت لموافقته أم لا .

( قوله : فلا اعتراض عليه ) أي بحيث يقال إن قوله وهل الرشيدة كذلك إن أدام الإقرار يقتضي أنه إذا رجع عنه لا يكون كذلك مع أنه قد يكون كذلك إذا سكتت .




الخدمات العلمية