الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ولا ) يحنث ( إن باعه به ) أي بالحق الذي حلف ليقضينه إياه ( عرضا ) ، وكان دنانير أو دراهم ، ولم يقصد عينها بل قصد وفاء الحق ، وكانت قيمته قدر الحق لا أقل ( وبر ) الحالف ليقضين الحق لأجل كذا ( إن غاب ) المحلوف له ( بقضاء وكيل تقاض ) لدينه ( أو مفوض ) بفتح الواو المشددة مصدر ميمي معطوف على تقاض أي ، وكيل تفويض ، وليس اسم مفعول ; لأن الإضافة تمنع منه ( وهل ثم ) عند فقدهما يبر بقضاء ( وكيل ضيعة ) وجد الحاكم أو عدم لكونه في رتبة الحاكم عند وجوده فأيهما قضى له صح ( أو ) محل البر به ( إن عدم الحاكم ) العادل ( وعليه الأكثر تأويلان ) الراجح الثاني فعلم أن وكيل الضيعة مساو للحاكم على التأويل الأول لا أنه مقدم عليه والتأويل الثاني يقول الحاكم مقدم والمراد بوكيل الضيعة غير من تقدم من كل من يتعاطى أموره ولما كان البر من اليمين حاصلا بقضاء شخص من الأربعة والبراءة من الدين حاصلة بالأولين دون الثالث ، وفي الرابع تفصيل أشار له بقوله ( وبرئ ) الحالف من الدين كما برئ من اليمين ( في ) دفعه إلى ( الحاكم ) عند فقد الأولين ( إن لم يتحقق جوره ) بأن تحقق عدله أو شك ( وإلا ) بأن تحقق جوره ( بر ) في يمينه فقط فلا يبرأ من الدين إلا لوكيل التقاضي أو المفوض أو الحاكم حيث لم يتحقق جوره دون وكيل الضيعة وشبه في البر دون البراءة قوله : ( كجماعة المسلمين ) حيث لا وكيل ، ولا حاكم عادلا أو تعذر الوصول إليه ، ومنهم وكيل الضيعة ، وأراد بجماعة المسلمين اثنين عدلين فأكثر فإن لم توجد عدالة فالجمع على أصله ( يشهدهم ) على إحضار الحق ، وعدده ووزنه وصفته ، وأنه اجتهد في الطلب فلم يجده لسفر أو تغيب ، ويتركه عند عدل منهم أو عند الحالف نفسه حتى يأتي ربه [ ص: 154 ] ولا يبر بلا إشهاد

التالي السابق


( قوله : وكان دنانير إلخ ) أي ، وكان الحق دنانير إلخ ( قوله : وكانت قيمته قدر الحق ) رده اللقاني قائلا ، ولا يشترط في هذا المبيع أن تساوي قيمته الدين ; لأن الفرض أن البيع صحيح وتقييد تت له بذلك أي بما إذا كانت قيمته قدر الحق غير ظاهر . ا هـ . عدوي ( قوله : لا أقل ) أي بأن كانت قيمة العرض أقل من الدين لم يبر ، ولو قدر أنه باعه بأزيد من قيمته بأن باعه بقدر الدين ( قوله : إن غاب المحلوف له ) أي أو كان حاضرا ، ولكن اختفى واجتهد الحالف في طلبه فلم يجده ( قوله : لأن الإضافة تمنع منه ) أي ; لأن إضافة وكيل إليه تمنع منه ، وقد يقال يمكن عطف مفوض على وكيل أي ، أو وكيل مفوض فحذف الموصوف وأقيمت صفته مقامه فلا حاجة لجعل مفوض بمعنى تفويض ( قوله : وكيل ضيعة ) أي ، وهو الذي وكله على قبض خراجها والضيعة في الأصل هي العقار كما في القاموس ، وذكر ابن مرزوق أن وكيل الضيعة هو الذي يتولى شراء النفقة للبيت من لحم وخضار وصابون وغير ذلك ، وهو المشار له بقول شارحنا والمراد بوكيل الضيعة إلخ ( قوله : تأويلان ) الأول لابن رشد والثاني لابن لبابة ، وعليه الأكثر . ا هـ . بن ( قوله : فعلم أن وكيل الضيعة إلخ ) .

اعلم أن ما ذكره المصنف محتمل لما قاله الشارح من مساواة الحاكم ووكيل الضيعة ، ومن تقديم وكيل الضيعة على الحاكم ; لأن قوله ، وهل ثم وكيل ضيعة إنما يفيد أن مرتبة وكيل الضيعة بعد ما قبله ، وهل الحاكم مساو له أو مؤخر عنه محتمل ، ولكن النقل كما في المواق هو ما ذكره الشارح من أن التأويل الأول يقول بتساويهما والتأويل الثاني يقول بتقديم الحاكم على وكيل الضيعة ، وقول الشارح لا أنه مقدم عليه أي ، وإن كان كلام المصنف محتملا لذلك ( قوله : من الأربعة ) أي ، وكيل التقاضي والمفوض ووكيل الضيعة والحاكم .

( قوله : بالأولين ) أي بالدفع لهما ، وهما وكيل التقاضي والمفوض ( قوله : دون الثالث ) أي ، وهو ، وكيل الضيعة أي دون الدفع له ، وقوله ، وفي الرابع أي ، وفي الدفع للرابع ، وهو الحاكم تفصيل ( قوله : وأراد بجماعة المسلمين اثنين ) ظاهره أن الواحد من العدول لا يكفي والذي في كبير خش وشب نقلا أن الواحد من جماعة المسلمين الذين يشهدهم يكفي ( قوله : فإن لم توجد عدالة فالجمع على أصله ) أي ; لأن زيادة العدد تجبر خلل الشهود ، وظاهره أنه يكتفى بثلاثة من غير العدول ، ولا يسلم هذا بل إذا عدمت العدول يستكثر من الشهود بحيث يغلب على الظن الصدق المتأتي بالعدول كما هو القاعدة ، وأشعر قوله : جماعة يشهدهم أنه لا يبر بجعله عند عدل من غير إشهاد عدلين ، وليس كذلك بل الذي في ح عن اللخمي أنه لو دفع الحق لرجل من المسلمين فأوقفه على يديه فإنه يبر إذا لم يكن لرب الحق وكيل ، ولا سلطان ، ومثله في بهرام عن مالك في كتاب محمد فقول الشارح بعد ، ولا يبر بلا إشهاد إما أن يحمل على ما إذا أبقاه تحت يده أو أنه مقابل لما في ح [ ص: 154 ] قوله : ولا يبر بلا إشهاد ) أي لا يبر بإحضار جماعة المسلمين أو إخبارهم بأنه حلف ليقضين فلانا حقه لأجل كذا ، وأنه أحضر الحق قبل الأجل فلم يجده ، ولم يشهدهم على إحضار الحق ، وعدده ووزنه .




الخدمات العلمية