الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ولما تقدم له ذكر مهر المثل أخذ يبينه بقوله ( ومهر المثل ما ) أي قدر من المال ( يرغب به مثله ) أي الزوج ( فيها ) أي الزوجة ( باعتبار دين ) أي تدين من محافظة على أركان الدين من صلاة وصوم وعفة وصيانة ( وجمال ) حسي ومعنوي كحسن خلق ( وحسب ) وهو ما يعد من مفاخر الآباء ككرم ومروءة وعلم وصلاح ( ومال وبلد ) ، إذ هو يختلف باختلاف البلاد ( وأخت شقيقة أو لأب ) موافقة لها في الأوصاف المتقدمة وغابت المخطوبة عن مجلس العقد أو ماتت بعد العقد ولم يعلم قدر ما سمى لها وحصل تنازع فيه أو ماتت بعد البناء في نكاح التفويض ولم يكن فرض لها شيئا وحضرت أختها ، وشهدت البينة أنها مثلها في الأوصاف المذكورة وأن صداقها منظور فيه لتلك الأوصاف [ ص: 317 ] فاندفع ما قيل : إن حمل كلامه على ما إذا كانت الأخت موافقة في الأوصاف فالعبرة بها ويغني عنه ما قبله ، وإن حمل على المخالفة ناقض ما قبله وعلى ما قررنا فالواو بمعنى أو ( لا الأم و ) لا ( العمة ) للأم أي أخت أبيها من أمه فلا يعتبر صداق المثل بالنسبة إليهما لأنهما قد يكونان من قوم آخرين ، وأما العمة الشقيقة أو لأب فتعتبر ( و ) مهر المثل ( في ) النكاح ( الفاسد ) وفي وطء الشبهة تعتبر الأوصاف المذكورة فيه ( يوم الوطء ) بخلاف الصحيح ، ولو تفويضا فيوم العقد .

التالي السابق


( قوله : باعتبار دين ) أي باعتبار اتصافها بدين أي بتدين إلخ واعلم أن اعتبار اتصافها بالأوصاف المذكورة إذا كانت مسلمة حرة ، وأما الذمية والأمة فلا يعتبر اتصافهما بالدين ولا بالنسب ككونها قرشية وإنما يعتبر فيهما المال والجمال والبلد .

( قوله : إذ هو يختلف باختلاف البلاد ) أي لأن الرغبة في المصرية مثلا تخالف الرغبة في غيرها كما أن الرغبة في المتصفة بالدين أو الجمال [ ص: 317 ] أو المال تخالف الرغبة في غيرها فمتى وجدت هذه الأشياء عظم مهرها ومتى فقدت أو بعضها قل مهرها فالتي لا يعرف لها أب ولا هي ذات مال ولا جمال ولا ديانة ولا صيانة فمهر مثلها ربع دينار مثلا والمتصفة بجميع صفات الكمال مهر مثلها الألوف والمتصفة ببعضها بحسبه ، ثم إن المصنف بين ما تعتبر به المثلية في حق الزوجة ولم يذكر ما تعتبر به المثلية في حق الزوج مع أن الزوج يعتبر حاله بالنسبة لصداق المثل أيضا فقد يرغب في تزويج فقير لقرابة أو صلاح أو علم أو حلم وفي تزويج أجنبي لمال أو جاه ويختلف المهر باعتبار هذه الأحوال وجودا وعدما .

( قوله : فاندفع ما قيل إلخ ) فيه أنه لا يندفع الإشكال بما قاله وإلا لم يكن فرق بين الأم والأخت بل وبين الأجنبيات إذا كن على مثل أوصافها بل الظاهر في دفع الإشكال خلاف ما قاله وأن الواو على معناها وأن هذا كالقيد فيما قبله فهو من جملة الأوصاف التي يعتبر بها صداق المثل .

وحاصله أن محل اعتبار صداق المثل بالدين والجمال والحسب والمال والبلد إذا لم يكن لها مماثل في الأوصاف من قبيلتها كأختها وعمتها وإلا كان المعتبر صداقهما ، ولو كان أكثر من صداق مثلها من قوم آخرين ، فإذا كان للمرأة أمثال في الأوصاف المذكورة من قبيلتها وأمثال فيها من غير قبيلتها اعتبر فيها ما يتزوج به أمثالها من قبيلتها ، وإن زاد على صداق أمثالها من غير قبيلتها أو نقص انظر بن .

( قوله : في النكاح الفاسد ) أي سواء كان متفقا على فساده أو مختلفا فيه .

( قوله : فيوم العقد ) إذ منه يجب الميراث وما ذكره من اعتبار يوم العقد في الصحيح مطلقا ، ولو تفويضا هو ظاهر المذهب كما في التوضيح وقيل : يعتبر اتصافها بالأوصاف المذكورة في نكاح التفويض يوم البناء إن دخل ويوم الحكم إن لم يدخل ، إذ لو شاء طلق قبل ذلك بلا شيء ونقل ذلك ابن عرفة عن عياض .




الخدمات العلمية