الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وسافر القصر ) أربعة برد ، وإلا لم يبر ( في ) حلفه ( لأسافرن ) حملا له على المقصد الشرعي دون اللغوي ( ومكث ) في منتهى سفره خارجا عن مسافة القصر ( نصف شهر ) ، وإلا لم يبر والمراد بالمكث أنه لا يرجع لمكان دون المسافة فلا ينافي أنه لو استمر سائرا نصف شهر بعد المسافة لكفى ( وندب كماله ) أي كمال الشهر ( كأنتقلن ) أي كحلفه لأنتقلن من هذا البلد فلا بد أن ينتقل لأخرى على مسافة قصر ، ومكث نصف شهر وندب كماله وأما من هذه الدار أو الحارة أو نوى ذلك كفى الانتقال لأخرى ، ويمكث نصف شهر ، ويندب كماله فإن أطلق ، ولم ينو شيئا فالقياس أن لا يبر إلا بفعل من قيد بالبلد لفظا أو نية ، وقوله ( ولو بإبقاء رحله ) راجع لقوله لا سكنت ولقوله لأنتقلن لكن المعنى مختلف [ ص: 151 ] فالمعنى بالنسبة للأول أنه يحنث بإبقاء رحله وبالنسبة للثاني أنه لا يبر بإبقائه والمراد بالرحل ما يحمل الحالف على الرجوع له إن تركه ( لا بكمسمار ) ووتد مما لا يحمله على العود فلا يحنث بتركه ( وهل ) عدم الحنث بتركه ( إن نوى عدم عوده ) له فإن نوى العود حنث أو عدم الحنث مطلقا ( تردد ) واعترض عليه بأن ظاهره أن الأول يقول بالحنث عند عدم النية كما إذا نسي المسمار ونحوه مع أن المذهب عدم الحنث خلافا لابن وهب فمحل التردد إن نوى العود فإن نوى عدمه لم يحنث اتفاقا ، وكذا إن لم ينو شيئا عند ابن القاسم فلو قال ، وهل إلا أن ينوي عوده تردد كان أحسن .

التالي السابق


( قوله : حملا له على المقصد الشرعي ) هذا يؤيد ما مر من أن المعتمد تقديم المقصد الشرعي على اللغوي ( قوله : أنه لا يرجع لمكان دون المسافة ) أي قبل نصف الشهر ، وقوله بعد المسافة أي ، وهي الأربعة برد . ( قوله : كفى الانتقال لأخرى ) أي ، ولا يشترط كونها على مسافة القصر قال في التوضيح ، وهذا إذا قصد إرهاب جاره ونحوه ، وأما إن كره مجاورته فلا يساكنه أبدا . ا هـ .

بن ( قوله : فإن أطلق ) أي فإن حلف لأنتقلن ، وأطلق ، ولم يقيد بالبلد أو الدار أو الحارة لا لفظا ، ولا نية ، وقوله فالقياس أن لا يبر إلخ أي وحينئذ فيلزمه سفر مسافة القصر ، ومكث نصف [ ص: 151 ] شهر وندب كماله .

( قوله : فالمعنى بالنسبة للأول أنه يحنث إلخ ) ، وذلك ; لأن المعنى إذا حلف لا أسكن هذه الدار فإنه يجب عليه أن يرتحل بجميع أهله وولده ومتاعه فورا ، فإن ارتحل بأهله وولده ، وأبقى من متاعه ما له بال فإنه يحنث لا إن ترك نحو مسمار أو خشبة مما لا يحمل الحالف على العود إليه فإنه لا يحنث بترك ذلك مطلقا ، سواء تركه ليعود إليه أم لا ، وقيل إن نوى العود إليه حنث لا إن نوى عدم العود أو لا نية له فالتردد إنما هو فيمن نوى العود له ( قوله : أنه لا يبر ) أي ، وذلك ; لأن المعنى أن من حلف لينتقلن يجب عليه الانتقال فإذا نقل أهله وولده ، وأبقى رحله فلا يبر بذلك إلا إذا كان الباقي شيئا قليلا كمسمار أو خشبة فإنه يبر ( قوله : وهل عدم الحنث ) أي بإبقاء المسمار ونحوه ( قوله : تردد ) التردد هنا للمتأخرين في فهم قول ابن القاسم في الموازية فإن ترك من النقل مثل الوتد والمسمار والخشبة مما لا حاجة له به أو ترك ذلك نسيانا فلا شيء عليه . ا هـ . هل يقيد بما لم ينو عوده له فإن نوى عوده إليه حنث أو يبقى على إطلاقه في عدم الحنث ، ولما لم يكن اختلافهم في فهم المدونة عبر بالتردد دون التأويلين . ا هـ . بن ، وفي عج أن التعبير بالتردد في محله ، وأن النقل اختلف عن ابن القاسم فابن رشد في البيان نقل عنه أنه يحنث فيما إذا نوى العود ونقل عن أشهب ما يفيد أنه لا يحنث ، وغير ابن رشد نقل عن ابن القاسم عدم الحنث إذا نوى العود له ( قوله : خلافا لابن وهب ) فإنه يقول بالحنث إذا لم يكن له نية أصلا أو نوى العود إليه فإن نوى عدم العود له فلا حنث .




الخدمات العلمية