الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( ومحله ) أي الطلاق ( ما ملك ) من العصمة فما واقعة على عصمة ( قبله ) أي قبل نفوذ الطلاق ( وإن تعليقا كقوله لأجنبية هي طالق عند خطبتها ) متعلق بقوله أي قال عند خطبتها هي طالق ( أو ) قال لأجنبية ( إن دخلت ) الدار فأنت طالق ( ونوى ) إن دخلتها ( بعد نكاحها ) ( وتطلق ) بفتح التاء وضم اللام أي يقع عليه الطلاق ( عقبه ) بدون ياء على اللغة الفصيحة أي عقب النكاح في الأولى وعقب دخول الدار في الثانية ( وعليه ) أي الزوج لكل منهما ( النصف ) أي نصف صداقها لكن في الثانية إن دخلت الدار [ ص: 371 ] قبل البناء وإلا فجميع المسمى كما سيأتي قريبا ويتكرر عليه النصف كلما عقد عليها إذا أتى بصيغة تقتضي التكرار كقوله كلما تزوجتها فهي طالق ( إلا بعد ثلاث ) أي إلا بعد ثالث مرة وهي الرابعة أي وقبل زوج فإذا تزوجها رابع مرة قبل زوج لم يلزمه شيء ( على الأصوب ) وأما بعد زوج فيعود الحنث ولزوم النصف إلا أن تتم العصمة وهكذا ; لأن العصمة لم تكن حاصلة حين اليمين وإنما حلف على عصمة مستقبلة بخلاف لو كان متزوجا بها فحلف بأداة تكرار فيختص بالعصمة التي هي مملوكة فقط

التالي السابق


( قوله وإن تعليقا ) أي هذا إذا كان الملك تحقيقا بل وإن كان الملك تعليقا أي ذا تعليق أو معلقا عليه الطلاق وهذا قول مالك المرجوع إليه وفاقا لأبي حنيفة وخلافا للشافعي ، ولقول مالك المرجوع عنه وبه قال بعض أهل المذهب ، فلو عبر المصنف بلو كان أولى ، ثم إنه لا فرق بين كون التعليق غير صريح بأن كان بالنية كفلانة طالق ونوى بعد تزويجه بها ، وكالمثال الثاني في المتن أو دل بساط عليه كالمثال الأول في كلام المصنف أو كان صريحا كإن تزوجت فلانة فهي طالق وترك المصنف التصريح به لوضوحه واقتصر على التعليق غير الصريح لخفائه ، فإن كانت العصمة غير مملوكة وقت الطلاق لا حقيقة ولا تعليقا فلا يلزم الطلاق كما إذا قال : علي الطلاق من التي أتزوجها لا أفعل كذا أو الطلاق يلزمني من التي أتزوجها إن فعلت كذا أو إن كنت فعلت كذا قرره شيخنا العدوي رحمه الله .

( قوله متعلق ) أي لا أنه من جملة مقوله لها فوقوع هذا الكلام عند الخطبة بساط يدل على التعليق وأن المراد هي طالق إن تزوجها ( قوله فأنت طالق ) حذفه من هنا لدلالة ما قبله عليه .

( قوله ونوى بعد نكاحها ) راجع لقوله أو إن دخلت فقط وليس راجعا لقوله هي طالق إذ لو رجع له لم يحتج لقوله عند خطبتها ( قوله وتطلق عقبه ) هذا معلوم من صحة التعليق فذكره لدفع توهم أنه يحتاج لحكم حاكم بلزوم التعليق ، وقوله عقبه انظره مع أن المعلق والمعلق عليه يقعان في وقت واحد إلا أن يقال المراد بالعقب المقارنة في الزمن الواحد إلا أنه يرد بأن الطلاق لا يكون إلا بعد تحقق الزوجية فلعل الأحسن أن يقال قولهم المعلق والمعلق عليه يقعان في زمن واحد أي قد يقعان فليس كليا تأمل ا هـ عدوي ( قوله وعليه لكل منهما النصف ) أي المرأتين وهما التي قال لها عند الخطبة [ ص: 371 ] أنت طالق والتي قال لها أنت طالق إن دخلت الدار ونوى بعد نكاحها ومحل لزوم نصف المسمى لكل منهما إن كان هناك مسمى وإلا فلا شيء عليه ( قوله قبل البناء ) أي وبعد العقد .

( قوله ويتكرر إلخ ) هذا دخول على كلام المصنف ( قوله إذا أتى بصيغة تقتضي التكرار ) اعترض بأن الصيغة إذا كانت تقتضي التكرار كان النكاح فاسدا ; لأن الوسيلة إذا لم يترتب عليها مقصدها لم تشرع والمقصد من النكاح الوطء وهو غير حاصل ; لأنه كلما تزوج طلقت عليه وإذا كان النكاح فاسدا فلا يترتب عليه صداق ; لقوله فيما تقدم وسقط بالفسخ قبله كطلاقه ذكر ذلك الناصر اللقاني في حاشية التوضيح وقد يقال إن قوله كطلاقه مقيد بما إذا كان فاسدا لصداقه كما تقدم عن ابن رشد هناك ا هـ بن .

والحاصل أن ما كان فاسدا لصداقه إذا فسخ قبل البناء أو طلق منه قبل البناء لا شيء فيه ، وأما ما كان فاسدا لعقده كما هنا ففي الطلاق فيه قبل البناء نصف المسمى .

( قوله إذا أتى بصيغة تقتضي التكرار ) أي وأما إذا كانت لا تقتضي التكرار بأن قال : إن دخلت الدار فأنت طالق فإن اليمين تنحل بالدخول الأول ، فإذا عقد عليها ثانيا فلا يقع عليه طلاق تزوجها بعد زوج أم لا ( قوله إلا بعد ثلاث ) أي إلا إذا تزوجها بعد ثالث مرة ( قوله لم يلزمه شيء ) أي من الصداق ; لأنه نكاح متفق على فساده إذ لا تحل له إلا بعد زوج وكل ما كان متفقا على فساده فلا شيء فيه حيث لم يحصل دخول ( قوله على الأصوب ) أي عند التونسي وعبد الحميد ومقابله ما قاله ابن المواز يلزمه النصف بعد ثلاث ، ولو تزوجها قبل زوج مراعاة لقول من يقول بإلغاء التعليق كالشافعي ومالك في المرجوع عنه تأمل ( قوله إلى أن تتم العصمة ) أي فإذا أتمت وتزوجها قبل زوج لم يلزمه شيء ويفسخ نكاحه وإن تزوجها بعد زوج عاد الحنث ولزوم النصف ( قوله ; لأن العصمة إلخ ) علة لقوله وهكذا أي يستمر عود الحنث ولزوم النصف ( قوله بخلاف لو كان متزوجا بها فحلف بأداة تكرار إلخ ) أي كما إذا قال : كلما دخلت الدار فأنت طالق ، أو قال : كل امرأة أتزوجها عليك طالق فإنها تختص بالعصمة الأولى




الخدمات العلمية