الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( وفيئة المريض ) العاجز عن الوطء ( والمحبوس ) العاجز عن خلاص نفسه ( بما ينحل به ) الإيلاء من زوال ملك ، وتكفير ما يكفر ، وتعجيل مقتضى الحنث وإبانة الزوجة المحلوف بها كما تقدم هذا إن أمكن التكفير قبل الحنث ( وإن لم تكن يمينه ) أي من ذكر من المريض والمحبوس ( مما تكفر ) أي كانت مما لا يمكن تكفيرها ( قبله ) أي الحنث ، والمراد بالتكفير الانحلال ( كطلاق فيه رجعة ) لا بائن ( فيها ) أي في الزوجة المولى منها كإن وطئتك فأنت طالق واحدة أو اثنتين فلا يمكن التكفير قبل الحنث ; لأنه إذا طلقها رجعيا ثم وطئ لحقه طلقة أخرى ; إذ الرجعية زوجة يلزمه طلاقها إن طرأ موجبه ( أو ) طلاق فيه رجعة ( في غيرها ) كقوله لإحدى زوجتيه : إن وطئتك ففلانة طالق وطلقها رجعيا بخلاف البائن فينحل به الإيلاء ( و ) ك ( صوم ) معين ( لم يأت ) زمنه ; إذ لو فعله قبل زمنه لم ينفعه ( وعتق ) وصدقة ومشي لمكة وصوم ونحو ذلك ( غير معين ) ; إذ لو فعله قبل الحنث لم ينفعه ، ولزمه بدله بالحنث ( فالوعد ) جواب الشرط أي ففيئة المريض أو المحبوس المذكور تكون بالوعد بالوطء إذا زال المانع في المسائل الأربع لا بالوطء مع المانع لتعذره بالمرض أو السجن ( وبعث ) بعد الأجل ( للغائب ) المولي ( وإن ) بعدت المسافة ( بشهرين ) ذهابا مع الأمن لا أكثر فلها القيام بالفراق ، وأجرة الرسول عليها ; لأنها الطالبة ( ولها العود ) [ ص: 438 ] للقيام بالإيلاء ( إن رضيت ) أولا بإسقاط حقها من القيام من غير استئناف أجل كامرأة المعترض ; لأنه أمر لا صبر للنساء عليه ( وتتم ) أي تصح ( رجعته ) بعد أن طلق عليه ( إن انحل ) إيلاؤه بوطء بعدة أو تكفير أو انقضاء أجل أو تعجيل حنث ( وإلا ) ينحل إيلاؤه بوجه مما تقدم ( لغت ) رجعته أي بطلت وحلت للأزواج من العدة

التالي السابق


( قوله : وفيئة المريض والمحبوس ) أي إذا مضى أجل الإيلاء ، وهما بتلك الصفة ( قوله : العاجز عن الوطء ) أي وأما المريض القادر على الوطء والمحبوس القادر على الخلاص بما لا يجحف به ففيئة كل منهما تغييب الحشفة ( قوله : بما ينحل به ) أي ولا تكون الفيئة في حقهما بمغيب الحشفة لعدم قدرتهما عليها في هذه الحالة ( قوله : من زوال ملك ) أي من زوال ملك العبد المعين الذي حلف بعتقه ( قوله وتكفير ما ) أي اليمين التي يجوز تكفيرها قبل الحنث وهي اليمين بالله والنذر المبهم الذي لم يسم له مخرجا ( قوله : وتعجيل مقتضى الحنث ) أي ما يقتضيه الحنث ويترتب عليه وما قبله من جزئياته ( قوله : فلا يمكن التكفير ) أي انحلال اليمين ( قوله : لحقه ) أي وحينئذ فلا فائدة في تعجيل الطلاق قبل الحنث وكذا يقال فيما إذا طلق ضرتها في المسألة التي بعد .

( قوله : كقوله لإحدى زوجتيه إلخ ) أي وإذا ارتجعها ووطئ المحلوف عليها طلقت فلانة المحلوف بطلاقها ( قوله : وطلقها ) أي فلانة المحلوف بطلاقها ( قوله : بخلاف البائن ) أي بخلاف ما إذا طلق فلانة المحلوف بطلاقها طلاقا بائنا ثم عاودها بعد زوج ووطئ المحلوف عليها فلا تطلق فلانة المحلوف بطلاقها لانحلال الإيلاء بمجرد بينونتها ( قوله : وكصوم معين لم يأت زمنه ) أي كما لو كان في المحرم ، وقال : إن وطئتك فعلي صوم رجب فهذه اليمين لا يمكن انحلالها قبل الحنث ; إذ لو صام رجب قبل إتيانه لم ينفعه ، ومفهوم قوله : لم يأت زمنه أنه لو أتى زمنه لا يكون الحكم كذلك والحكم أنه إذا انقضى قبل وطئه فلا شيء عليه ; لأنه معين فات ( قوله : وعتق إلخ ) أي كما لو قال إن وطئتك فعلي عتق رقبة أو صدقة بدينار أو صوم يوم أو مشي لمكة فلا يمكن انحلال تلك اليمين قبل الحنث ; إذ لو فعله قبل الحنث بالوطء لم ينفعه ، ويلزمه بدله إذا وطئ ( قوله : إذ لو فعله قبل الحنث ) أي قبل الوطء ( قوله : بالحنث ) أي إذا وطئ ( قوله : المذكور ) أي الذي لا يمكن تكفير يمينه قبل الحنث ( قوله : إذا زال المانع ) أي الذي هو المرض والحبس .

( قوله : وبعث للغائب إلخ ) يعني أنه إذا ضرب للمولي الأجل فوجد عند انقضائه غائبا غيبة مسافة شهرين فأقل فإنه يبعث إليه ليعلم ما عنده فإن كانت غيبته أكثر من ذلك طلق عليه من غير إرسال له ثم إن هذا ظاهر إذا كان معلوم الموضع وإلا فيطلق عليه من غير إرسال وكلام المصنف مقيد بما إذا لم ترفعه للحاكم لتمنعه من السفر حيث أراده قبل الأجل ، وإلا منعه فإن أبى أخبره أنه إذا جاء الأجل طلق عليه ففائدة إخبار الحاكم أنه لا يبعث له إذا جاء الأجل ، وطلبت الفيئة ( قوله : مع الأمن ) أي واثنا عشر يوما مع الخوف ; لأن كل يوم مع الخوف يقاوم خمسة مع الأمن ( قوله : ولها العود إلخ ) أي إن المرأة المولى منها إذا حل أجل الإيلاء فرضيت بالمقام معه بلا وطء وأسقطت حقها من الفيئة إسقاطا مطلقا غير مقيد بزمن ثم رجعت عن ذلك الرضا فطلبت القيام

[ ص: 438 ] بالفيئة فلها أن توقفه في أي وقت من غير ضرب أجل ومن غير تلوم فإن فاء وإلا طلق وأما لو أسقطت حقها إسقاطا مقيدا بمدة فإن قالت بعد الأجل أقيم معه سنة لعله أن يفيء فليس لها العود إلا بعد تلك المدة .

( قوله : للقيام بالإيلاء ) أي بطلب الفيئة ( قوله : إن رضيت أولا بإسقاط حقها من القيام ) أي بالفيئة وذلك بأن كانت رضيت بالإقامة معه بلا وطء ( قوله : أو تكفير ) أي تكفير ما يكفر في العدة وقوله : أو تعجيل حنث أي بعتق أو طلاق في العدة ، ومثل انحلال الإيلاء رضا الزوجة المولى منها بالإقامة معه بلا وطء كما هو قول ابن القاسم والأخوين خلافا لسحنون فإنه يقول : إن رجعتها باطلة مع الرضا ( قوله : وإلا ينحل إيلاؤه بوجه مما تقدم ) أي حتى انقضت العدة بدخولها في الحيضة الثالثة وقوله : لغت رجعته أي الحاصلة في العدة أي كانت ملغاة أي باطلة لا أثر لها




الخدمات العلمية