ولو اشترى المضارب متاعا بألف درهم ، ورقمه بألفي درهم ، ثم قال للمشتري منه : ابتعه مرابحة . على رقمه
، فإن بين للمشتري كم رقمه فهو جائز لا بأس به ; لأنه صادق في مقالته ، فرقمه ما أخبره ، ولم يخبره أنه قام عليه بذلك ، وقد بينا في البيوع رواية في الفرق بين ما إذا كان المشتري عالما بعادة التجار أو غير عالم بذلك . أبي يوسف
وإن لم يعلم المشتري كم رقمه ، فالبيع فاسد لجهله بمقدار الثمن ، فإذا علم بالرقم كم هو ، فهو بالخيار إن شاء أخذه وإن شاء تركه ; لأنه إنما يكشف له الحال الآن .
وخيار كشف الحال قد بيناه في البيوع عند - رحمه الله - فإن قبضه فباعه ، ثم علم ما رقمه فرضي به ، فرضاه باطل وعليه قيمته ; لأنه ملكه بالقبض بحكم عقد فاسد ، فنفذ بيعه فيه ، وتقرر عليه ضمان القيمة بإخراجه من ملكه ، فلا يتغير ذلك بعلمه بالرقم ورضاه به ; لأن إزالة المفسد إنما تصحح العقد إذا كان المعقود عليه قائما في ملكه . أبي حنيفة
والتولية في هذه كالمرابحة ، فإن كان جاز إن لم يكن الأول قبضه ; لأن البيع الأول كان فاسدا ، ولم يملكه المشتري قبل القبض ، فصح البيع الثاني من المضارب وانتقض به البيع الأول . المضارب ولاه رجلا برقمه ، ولا يعلم المشتري ما رقمه ، ثم باعه المضارب بعد ذلك من آخر بيعا صحيحا ،
ولذلك لو كان الأول علم برقمه فسكت حتى باعه المضارب من آخر ، بيعا صحيحا ; لأن بمجرد علمه لا يصح البيع الأول ما لم يرض به ، فإن رضي الأول بعد ما علم ، ثم باعه المضارب من آخر بيعا صحيحا ، فالبيع للثاني باطل ; لأن البيع الأول قد تم برضا المشتري به بعد علمه ، فصار المبيع مملوكا للمشتري .
ولو كان بيعه الثاني باطلا ; لأن الأول بالقبض صار مالكا فما لم يسترده المضارب منه لا ينفذ بيعه من غيره ، وإن علم الأول بالرقم فنقض البيع ، لم يجز البيع الثاني أيضا ; لأنه سبق عود الملك إليه ، فلا ينفذ بعوده إليه من بعد ; كمن باع مالا يملكه ثم ملكه . كان الأول قبض المتاع من المضارب في هذه الوجوه ثم باعه المضارب من آخر ،