الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                17473 ( أخبرنا ) أبو عبد الله الحافظ ، وأبو سعيد بن أبي عمرو ، قالا : ثنا أبو العباس : محمد بن يعقوب ، ثنا أحمد بن عبد الجبار ، ثنا يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق ، ثنا سعيد المقبري ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : كان إسلام ثمامة بن أثال الحنفي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعا الله حين عرض لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما عرض له أن يمكنه الله منه ، وكان عرض له وهو مشرك فأراد قتله ، فأقبل ثمامة معتمرا وهو على شركه حتى دخل المدينة ، فتحير فيها حتى أخذ وأتي به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمر به ، فربط إلى عمود من عمد المسجد ، فخرج عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : " ما لك يا ثمام ، هل أمكن الله منك ؟ " قال : وقد كان ذلك يا محمد ، إن تقتل تقتل ذا دم ، وإن تعف تعف عن شاكر ، وإن تسأل مالا تعطه ، فمضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتركه حتى إذا كان الغد مر به ، فقال : " ما لك يا ثمام ؟ " فقال : خيرا يا محمد ، إن تقتل تقتل ذا دم ، وإن تعف تعف عن شاكر ، وإن تسأل مالا تعطه ، ثم انصرف عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال أبو هريرة - رضي الله عنه - فجعلنا المساكين نقول بيننا : ما نصنع بدم ثمامة ؟ ! ! ! والله لأكلة من جزور سمينة من فدائه أحب إلينا من دم ثمامة ، فلما كان الغد مر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : " ما لك يا ثمام ؟ " فقال : خيرا يا محمد ، إن تقتل تقتل ذا دم ، وإن تعف تعف عن شاكر ، وإن تسأل مالا تعطه ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " أطلقوه فقد عفوت عنك يا ثمام " . فخرج ثمامة حتى أتى حائطا من حيطان المدينة فاغتسل فيه وتطهر وطهر ثيابه ، ثم جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو جالس في المسجد في أصحابه ، فقال : يا محمد ، والله لقد كنت وما وجه أبغض إلي من وجهك ، ولا دين أبغض إلي من دينك ، ولا بلد أبغض إلي من بلدك ، ثم لقد أصبحت وما وجه أحب إلي من وجهك ، ولا دين أحب إلي من دينك ، ولا بلد أحب إلي من بلدك ؛ وإني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ، يا رسول الله ، إني كنت قد خرجت معتمرا وأنا على دين قومي فبشرني صلى الله عليك في عمرتي ، فبشره وعلمه ، فخرج معتمرا ، فلما قدم مكة وسمعته قريش يتكلم بأمر محمد من الإسلام قالوا : صبأ ثمامة فأغضبوه ، فقال : إني والله ما صبوت ولكني أسلمت ، وصدقت محمدا ، وآمنت به . وايم الذي نفس ثمامة بيده لا تأتيكم حبة من اليمامة - وكانت ريف مكة - ما بقيت حتى يأذن فيها محمد - صلى الله عليه وسلم - وانصرف إلى بلده ، ومنع الحمل إلى مكة حتى جهدت قريش ، فكتبوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسألونه بأرحامهم أن يكتب إلى ثمامة يخلي إليهم حمل الطعام ، ففعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                الخدمات العلمية