الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        معلومات الكتاب

        عالم إسلامي بلا فقر

        الدكتور / رفعت السيد العوضي

        نتائج الدراسة عن الموارد الاقتصادية مع توصيات

        أولا:نتائج الدراسة

        بناء على المناقشة التي جاءت في هـذا الفصل، فإن النتائج التي يمكن استنتاجها هـي الآتية:

        1- الإسلام يلزم المسلم أن يعتقد اعتقادا جازما أن الله سبحانه وتعالى خلق موارد اقتصادية كافية لإشباع حاجات كل النوع الإنساني. وبهذا فإن المسلم تحكمه نظرة تفاؤل بشأن علاقة الموارد الاقتصادية بالحاجات، وأن هـذه التفاؤلية لها توظيفاتها المتعددة. بهذه التفاؤلية يكون الاقتصاد الإسلامي على [ ص: 165 ] النقيض من الاقتصاد العلماني الذي يتأسس كلية على فكرة التشاؤمية بتطبيقاتها الكثيرة في عالم الاقتصاد.

        2- أثبتت الدراسة أن العالم الإسلامي يحتل مركزا متميزا بوضوح في النفط. هـذا التميز ثبت عند مقارنة إنتاج العالم الإسلامي بالإنتاج العالمي، وبمقارنة عرض العالم الإسلامي بالطلب العالمي، وأخيرا بمقارنة احتياطي النفط في العالم الإسلامي مقارنا بالاحتياطي العالمي. وبجانب النفط، فإنه تتوافر بالعالم الإسلامي الكثير من المعادن، ويحتل العالم الإسلامي مركزا متميزا في إنتاج بعض المعادن والاحتياطي، ومن ذلك: القصدير، الكروم، النحاس، المنجنيز، الفوسفات، والبوكسايت.

        3- العالم الإسلامي يمتد على مساحة واسعة من جنوب خط الاستواء إلى ما يقرب من المنطقة الشمالية الباردة. هـذا الامتداد جعل العالم الإسلامي تتوافر به كل أنواع المناخ، ويعني ذلك أن العالم الإسلامي يملك الإمكانية (المناخية ) لإنتاج كل أنواع المحاصيل الزراعية.

        من حيث المياه فإن العالم الإسلامي به أنهار من أهم أنهار العالم، ولقد أعطت الدراسة اهتماما خاصا لدراسة المياه في المنطقة العربية، وذلك لوجود اعتقاد أنها تعاني من مشكلة مياه، وقد أثبتت الدراسة توافر المياه بهذه المنطقة، بناء على ذلك يصبح الادعاء بوجود مشكلة مياه في المنطقة هـو ادعاء له أهداف سياسية مشبوهة.

        وأثبتت الدراسة أن العالم الإسلامي يتمتع بغنى واسع في الأراضي [ ص: 166 ] الصالحة للزراعة، وقد أشارت الدراسة على وجه الخصوص إلى المنطقة العربية حيث يعتقد بمحدودية الأراضي الصالحة للزراعة، حيث أثبتت خطأ هـذا الاعتقاد. كما أن الدراسة أعطت اهتماما للجمهوريات الإسلامية في آسيا الوسطى والقوقاز، وقد أثبتت الإمكانيات الكبيرة التي تملكها هـذه المنطقة الإسلامية في مجال الأراضي الصالحة للزراعة.

        4- يمكن القول: إن الدراسة بكل فقراتها أثبتت نتيجة هـامة هـي أن العالم الإسلامي يتكون من أقاليم، وكل إقليم له إمكانياته الاقتصادية الكبيرة. وترتب على ذلك ما يلي:

        أ- التقسيم الحالي للعالم الإسلامي إلى دول ليس مؤسسا على أقاليمه الطبيعية، وأدى هـذا بدوره إلى المشكلات القائمة بين الدول الإسلامية على المياه وعلى الحدود وغير ذلك.

        ب- قيام تكامل اقتصادي للعالم الإسلامي سوف يكون بين أقاليم، لكل إقليم منها إمكانياته الاقتصادية. وهذا يدحض الفكرة الخاطئة التي ترى أن العالم الإسلامي فيه مناطق غنية ومناطق فقيرة، وأن قيام تكامل اقتصادي للعالم الإسلامي سوف يرتب أن تعول الدول الغنية الدول الفقيرة. وهذه الفكرة الخاطئة تعمل سلبيا على قيام هـذا التكامل.

        جـ- فكرة: الأقاليم، في العالم الإسلامي لها توظيفها الاقتصادي.. هـذه الفكرة تعمل مع قاعدة التخصص وتقسيم العمل.. وهذه القاعدة لها توظيفها في رفع الكفاءة الاقتصادية. [ ص: 167 ]

        د- فكرة (الأقاليم ) في العالم الإسلامي لها توظيفها السياسي.. الإقليمية تمثل أساسا قويا لجمع الدول الإسلامية الموزعة على كيانات صغيرة، ومن هـذا يمكن الانطلاق إلى وحدة كاملة بين الدول الإسلامية.

        ثانيا:وفرة الموارد الاقتصادية للعالم الإسلامي في تناقض مع الفقر القائم فيه

        دراسة الموارد الاقتصادية في العالم الإسلامي التي قدمناها تجيء ضمن دراسة عامة نقدمها عن عالم إسلامي بلا فقر. البيانات التي وفرتها الدراسة عن الموارد الاقتصادية في العالم الإسلامي، ومعها النتائج التي توصلت إليها الدراسة تتيح لنا تقديم الربط بين موضوع الموارد الاقتصادية في العالم الإسلامي وموضوع عالم إسلامي بلا فقر على النحو التالي:

        1- العالم الإسلامي أتاح الله سبحانه وتعالى له موارد اقتصادية كافية للقضاء على الفقر. ويمكن القول بعبارة أخرى: إن الله سبحانه وتعالى أعطى أمتنا الإسلامية موارد اقتصادية تمكنها أن تحقق بها العمران الاقتصادي الذي يوفر لكل فرد من أبنائها حياة اقتصادية كريمة.

        2- وجود الفقر في العالم الإسلامي على النحو القائم الآن يمثل حالة تناقض مع الوفرة في الموارد الاقتصادية التي من الله سبحانه وتعالى عليه بها. ولذلك يكون القول الآتي صحيحا: إن من أسباب الفقر في العالم الإسلامي عدم توظيف الموارد الاقتصادية المتاحة له في تحقيق تقدمه الاقتصادي. [ ص: 168 ]

        3- عدم توظيف الموارد الاقتصادية المتاحة للعالم الإسلامي في تحقيق تقدمه الاقتصادي، قول يسع ما يلي:

        أ- العالم الإسلامي لا يستغل موارده الاقتصادية.

        ب- الموارد الاقتصادية في العالم الإسلامي مستغلة لغير صالح المسلمين.

        جـ- العالم الإسلامي لا يعرف الإمكانيات الاقتصادية المتاحة له.

        د- تشغيل الموارد الاقتصادية في العالم الإسلامي موجه لخدمة فئة محدودة من أبنائه، بينما الكثرة الغالبة من أبنائه تحرم من الانتفاع بهذه الموارد، وهؤلاء هـم الفقراء في العالم الإسلامي.

        ثالثا: اقتراحات وتوصيات

        الموارد الاقتصادية في العالم الإسلامي تمكنه أن يكون على النحو الذي يحمله عنوان هـذه الدراسة وهو: عالم إسلامي بلا فقر. ومن الاقتراحات التي يمكن أن تقدم لتحقيق ذلك ما يلي:

        1- تنشيط الدراسات التي تمكن العالم الإسلامي أن يعرف الموارد الاقتصادية التي أتاحها الله سبحانه وتعالى له، وهذا الأمر يتحقق من خلال ثورة في المؤسسات العلمية والبحثية في العالم الإسلامي.

        2- تحديث وتفعيل المؤسسات في العالم الإسلامي، بحيث تصبح قادرة على تشغيل الموارد الاقتصادية المتاحة له، وهذا الأمر يتحقق من خلال استخدام أحدث التقنيات في الإنتاج وفي الإدارة وفي الاتصالات. [ ص: 169 ]

        3- جعل الموارد الاقتصادية في العالم الإسلامي موظفة من أجله، وهذا يتحقق من خلال تحقيق استقلال اقتصادي حقيقي له، وإقامة علاقات اقتصادية دولية متوازنة وعادلة.

        4- جعل الموارد الاقتصادية في العالم الإسلامي موظفة من أجل كل أبنائه، وهذا يتحقق من خلال تطبيق ما جاء به الإسلام في ملكية الموارد الاقتصادية، وفي تنظيماته للعمل، وفي تنظيماته لتوزيع الدخول والثروات، وفي تنظيماته للتبادل. [ ص: 170 ]

        التالي السابق


        الخدمات العلمية