الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        معلومات الكتاب

        عالم إسلامي بلا فقر

        الدكتور / رفعت السيد العوضي

        المبحث الرابع: منهج الأولويات الاقتصادية وتوظيفه لعلاج مشكلة الفقر

        تعني الأولويات الاقتصادية أن يدار الاقتصاد وفق خطة تحكم تخصيص الموارد الاقتصادية، أي توزيعها على الأنشطة الاقتصادية، وبالتالي تتحدد (سلة ) إنتاج هـذه الخطة مؤسسة على احتياجات المجتمع وفق سلم متدرج.

        موضوع الأولويات فيه فقه واسع، وتعطي مقاصد الشريعة على وجه [ ص: 61 ] الخصوص الأساسيات الكبرى لمنهج أولويات الاقتصاد الإسلامي، ونحيل على وجه الخصوص إلى الإمام الشاطبي في كتابه الموافقات في أصول الأحكام.

        ومنهج الأولويات في الإسلام وعلى النحو الذي تبينه مقاصد الشريعة، يمثل أسلوبا من الأساليب التي يواجه بها الإسلام الفقر لعلاجه.

        ومقاصد الشريعة الإسلامية على ثلاثة أقسام:

        - المقاصد الضرورية

        وهي التي لا بد منها لقيام مصالح الدين والدنيا، بحيث إذا فقدت لم تجر مصالح الدنيا على استقامة بل على فساد وموت حياة، وفي الآخرة فوت النجاة والنعيم والرجوع بالخسران المبين. ومجموع الضروريات خمس: حفظ الدين، والنفس، والنسل، والمال، والعقل.

        - المقاصد الحاجية

        وهي الأمور التي يكون مفتقرا إليها من حيث التوسعة ورفع الضيق المؤدي في الغالب إلى الحرج اللاحق بفوات المطلوب، فإذا لم تراع دخل على المكلفين على الجملة الحرج والمشقة.

        - المقاصد التحسينية

        وهي الأخذ بما يليق من محاسن العادات وتجنب الأحوال التي تأنفها العقول الراجحات. هـذا النوع من المقاصد يجمع في مكارم الأخلاق.

        ويمكن القول: إن الضروريات في مقاصد الشريعة تعمل على ما يبقي الإنسان حيا، أما الحاجيات فإنها تعمل على ما ييسر الحياة، وأما التحسينات فإنها تعمل على ما يجمل الحياة. [ ص: 62 ]

        وإدارة الاقتصاد وفق منهج مؤسس على مقاصد الشريعة الثلاثة: الضروريات والحاجيات والتحسينات، تتضمن أسلوبا لمواجهة الفقر وعلاجه.

        كما أن التخطيط لتخصيص الموارد الاقتصادية أولا بحيث تنتج ما يشبع الضروريات، يعتبر سياسة لمواجهة مشكلة الفقر وعلاجها.

        هذه النتيجة التي نصل إليها تثبتها وتؤكدها معرفتنا بالواقع الاقتصادي المعاصر، وخاصة واقع العالم الإسلامي. لقد أعطاه الله سبحانه وتعالى موارد اقتصادية كافية لإشباع حاجاته، إلا أن بعض هـذه الموارد إن لم يكن أكثرها خصص لإنتاج كماليات ودرجات من الرفاه لبعض الأفراد، بينما يعاني المجتمع من نقص حاد خطير في كثير من السلع والخدمات الضرورية. وهذه العملية بشقيها، يصاحبها إسراف في استخدام الموارد وتبديد لها.

        وتطبيق المنهج الإسلامى للأولويات الاقتصادية، يمنع تبديد الموارد والإسراف فيها، ويوفر السلع الضرورية. كما أن الآليات المصاحبة لهذه العملية تعمل على علاج الفقر، وذلك بتوفير فرص عمل، وتوفير السلع الضرورية، وترشيد استخدام الموارد، ويدخل في ذلك علاج الصراع الاجتماعي. وكل هـذا يمكن إثباته بالتحليلات المفصلة.

        التالي السابق


        الخدمات العلمية